responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 340


وإن أمرت الأرض ابتلعته ، وإن أمرت [ الجبال ] [1] دمرته ، وإن أمرت البحار غرقته ، ولكنه هان عليّ وسقط من عيني ، ووسعه حلمي ، واستغنيت بما عندي ، وحق لي أني أنا الغني لا غني غيري .
فبلغه رسالاتي [2] ، وادعه إلى عبادتي وتوحيدي ، وإخلاص اسمي ، وذكره بآياتي وحذره نقمتي وبأسي ، وأخبره أني إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة ، ولا يرعبك ما ألبسه من لباس الدنيا ، فإن ناصيته بيدي ليس يطرف ولا ينطق ولا يتنفس إلا بإذني .
قل له : أجب ربك عز وجل فإنه واسع المغفرة ، فإنه قد أمهلك أربعمائة سنة وفي كلها أنت مبارز لمحاربته ، تشبه وتمثل وتصدّ عباده عن سبله ، وهو يمطر عليك السماء ، وينبت لك الأرض ، لم تسقم ولم تهرم ولم تفتقر [3] ولم تغلب . ولو شاء أن يعجل ذلك لك أو يسلبكه فعل ، ولكنه ذو أناة ، وحلم عظيم .
وجاهده بنفسك وأخيك ، وأنتما محتسبان بجهاده ، فإنّي لو شئت أن آتيه بجنود لا قبل له بها لفعلت ، ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف الَّذي قد أعجبته نفسه وجموعه أن الفئة القليلة - ولا قليل مني - تغلب الفئة الكثيرة بإذني .
ولا تعجبنكما زينته ، ولا ما يتمتع به ، ولا تمدا إلى ذلك أعينكما ، فإنّها زهرة الحياة الدنيا ، وزينة المترفين ، وإني لو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة يعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت ، ولكني أرغب بكما عن ذلك وأزويه عنكما ، وكذلك أفعل بأوليائي قديما فأخرت لهم في ذلك ، فإنّي لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق غنمه من مراتع الهلكة ، وإني لأجنبهم سلوتها وعيشها كما يجنب الراعي الشفيق عن مبارك الغرّة .
وما ذاك لهوانهم عليّ ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفرا لم تكلمه الدنيا ولم يطع الهوى .
واعلم أنه لم يتزين العباد بزينة هي أبلغ من الزهد في الدنيا ، فإنّها زينة المتقين ، عليهم



[1] ما بين المعقوفتين : من مرآة الزمان 1 / 403 .
[2] في مرآة الزمان 1 / 403 « فبلغه رسالتي » .
[3] في المرآة 1 / 404 : « ولم تقشعر » .

340

نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 1  صفحه : 340
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست