نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 338
يدري من أمرها ولا بما أمرت ولا من صنعها ولا لم صنعت ، فوقف متحيرا لا يدري أيرجع أم يقيم . فبينا هو على ذلك إذ رمى بطرفه نحو فرعها فإذا هو أشد ما كان خضرة ، وإذا الخضرة ساطعة في السماء ، ثم لم تزل الخضرة تنور وتصفرّ وتبياضّ حتى صارت نورا ساطعا عمودا ما بين السماء والأرض عليه مثل شعاع الشمس تكلّ دونه الأبصار ، كلما نظر إليه كاد يخطف بصره . فعند ذلك اشتد خوفه وحزنه ، فرد يده على عينيه ولصق بالأرض وسمع الحنين والوجس إلا أنه يسمع حينئذ شيئا لم يسمع السامعون مثله . عظما الحنين . فلما بلغ موسى الكرب واشتد عليه الهول وكاد أن يخالط في عقله من شدة الخوف لما يسمع ويرى نودي من الشجرة ، فقيل : يا موسى ، فأجاب سريعا وما يدري من دعا ، وما كان سرعة إجابته إلا استئناسا بالإنس ، فقال : لبيك مرارا ، أسمع صوتك وأحس رحبك ولا أرى مكانك ، فأين أنت ؟ قال : أنا فوقك ومعك وأمامك وأقرب إليك منك . فلما سمع هذا موسى علم أنه لا ينبغي ذلك إلا لربه تعالى ، وأيقن به ، فقال : كذلك أنت يا إلهي ، أكلامك أسمع أم لرسولك ؟ قال : أنا الَّذي أكلمك فادن مني ، فجمع موسى يديه في العصا ثم تحامل حتى استقل قائما فرعدت فرائصه حتى اختلفت واضطربت رجلاه وانقطع لسانه وانكسر قلبه ولم يبق منه عظم يحمل آخر ، فهو بمنزلة الميت إلا أن روح الحياة تجري فيه ، ثم زحف على ذلك وهو مرعوب حتى وقف قريبا من الشجرة التي نودي منها ، فقال له الرب تبارك وتعالى : * ( وما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى قال هِيَ عَصايَ 20 : 17 - 18 ) * قال : وما تصنع بها ولا أحد أعلم بذلك منه ، قال موسى : * ( أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي ولِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى 20 : 18 ) * . وكان لموسى عليه السلام في العصي مآرب . وكانت لها شعبتان ومحجن تحت الشعبتين . قال له الرب تبارك وتعالى : * ( أَلْقِها يا مُوسى 20 : 19 ) * [1] . فظن موسى أنه يقول له ارفضها فألقاها على وجه [ الأرض لا على وجه ] [2] الرفض ، ثم حانت منه نظرة فإذا هي
[1] سورة : طه ، الآية : 17 وما بعدها . [2] ما بين المعقوفتين : من مرآة الزمان 1 / 401 .
338
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 338