نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 294
وكذا مما كنزه الإسكندر ، وكان الله لم يجعل فيه من الحرص شيئا ، ولم يجمع الدنيا إلا ما كان يسر بمن معه فيقويهم على ذلك ، وكان مسيرة ذلك رحمة للمؤمنين . صفة بناء السد [1] ذكر أبو الحسين بن المنادي عن الموجود في أيدي الفرس عن كتبهم الموروثة : أن ذا القرنين لما عزم على المسير إلى مطلع الشمس أخذ على طريق كابل في الهند وتبت ، فتلقته [2] الملوك بالهدايا العظيمة والتحايا الكريمة والطاعة والأموال إلى أن صار إلى الأرض المنتنة السوداء ، فقطعها سيرا في شهر ، ثم جاءته الأدلاء فانتهوا به إلى الحصون الشامخة والمدن المعطلة من أهلها وقد بقيت منهم فيها بقايا سألوه بأجمعهم أن يسد عنهم الفج الَّذي بينهم وبين يأجوج ومأجوج ، فسار إليه ونزل بجيشه العظيم الهائل ومعه الفلاسفة والصناع والحدادون ، فاتخذ قدور الحديد الكبار والمغارف الحديدية ، وأمر أن يجعل كل أربعة من تلك القدور على ديكدان طول كل واحد خمسين ذراعا أو نحوها ، وأمر الصناع أن يضربوا اللبن الحديد ، فاتخذوا النحاس والحديد وأضرموا عليه النار فصارت حجارة لم ير الناس مثلها كأنها تشبه جبل السد . طول كل لبنة ذراع ونصف بالذراع الأعظم ، وسمكها شبر . فما زالوا يبنون السد من جانب الجبل ، وجعل في وسطه بابا عظيما طوله أقل من عرضه ، فالعرض مائة ذراع ، كل مصراع خمسين ذراعا ، والطول خمسين ذراعا ، وعليه قفل عظيم نحو عشرة أذرع ، وفوقه بأذرع غلق أطول من ذلك القفل . وكل ذلك أملس كملاسة الجبل وبلونه . فذكروا أنه لما فرغ من بناء السد أمر بالنار فأضرمت عليه من أسفله إلى أعلاه ، فصار معجونا كأنه حجر واحد مثل الجبل سواء ، فلما فرغ من بناءه مال راجعا بعد أن لقي الأمم التي خلف يأجوج ومأجوج . قال أبو الحسين : وبلغني عن خرداذبه ، قال : [3] حدثني سلام الترجمان : أن