نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 234
وقال علماء السير : نبأ الله تعالى إدريس في حياة آدم ، وقد مضى من عمر آدم ستمائة واثنتان وعشرون سنة ، وأنزل عليه ثلاثون صحيفة فدعا قومه ووعظهم وأمرهم بطاعة الله ومخالفة الشيطان ، وأن لا يلامسوا أولاد قابيل ، فخالفوا ، فجاهدهم وسبى منهم واسترق . وهو أول نبي خط بالقلم وقطع الثياب وخاطها ، ورفع إدريس وهو ابن ثلاثمائة وخمس وستين سنة ، وأبوه حي ، فعاش أبوه بعد ارتفاعه مائة وخمسا وثلاثين سنة . قال زيد بن أسلم [1] : كان يصعد لإدريس من العمل مثل ما يصعد لجميع بني آدم ، فجاءه ملك فاستأذن الله في جلسة ، فأذن له فهبط إليه في صورة آدمي ، وكان يسجد ، فلما عرفه ، قال : إني أسألك حاجة ، قال : ما هي ؟ قال : تذيقني الموت فلعلي أعلم ما شدته فأكون له أشد استعدادا ، فأوحى الله إليه أن أقبض روحه ساعة ثم أرسله ، ففعل ، ثم قال : كيف رأيت ؟ قال : أشد ما بلغني عنه ، وإني أحب أن تريني النار ، قال : فحمله وأراه إياها ، قال : إني أحب أن تريني الجنة ، فأراه إياها ، فلما دخلها وطاف فيها ، قال له ملك الموت : اخرج ، فقال : والله لا أخرج حتى يكون الله تعالى يخرجني ، فبعث الله ملكا يحكم بينهما ، فقال : ما تقول يا ملك الموت ، فقص عليه ما جرى ، فقال : ما تقول يا إدريس ، قال : إن الله تعالى قال : * ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ 3 : 185 ) * [2] وقد ذقته ، وقال : * ( وإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها 19 : 71 ) * [3] وقد وردتها . وقال لأهل الجنة * ( وما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ 15 : 48 ) * [4] . فوالله لا أخرج حتى يكون الله يخرجني ، فسمع هاتفا من فوقه يقول : بإذني دخل وبأمري فعل ، فخل سبيله . فإن قيل : أين هذه الآيات لإدريس ؟ فالجواب : إن الله أعلم بوجوب الورود ، وامتناع الخروج من الجنة وغير ذلك فقاله [5] .
[1] قارن بزاد المسير 5 / 241 ، ونهاية الأرب 13 / 38 - 42 ، والكسائي 82 - 85 ، وعرائس المجالس 49 - 50 ، ومرآة الزمان 1 / 227 . [2] سورة : آل عمران ، الآية : 185 ، وسورة : الأنبياء ، الآية : 35 ، وسورة : العنكبوت ، الآية : 57 . [3] سورة : مريم ، الآية : 71 . [4] سورة : الحجر ، الآية : 48 . [5] نسب المصنف هذا الرأي لابن الأنباري نقلا عن بعض العلماء ، وفي زاد المسير 5 / 241 .
234
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم والملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 234