قال الواقدي : أجدبت بلاد « بدر بن عمرو » حتى ما أبقت لهم من مالهم إلا الشّريد [1] ، وذكرت لهم سحابة وقعت « بتغلمين » [2] إلى « بطن نخل » فسار « عيينة » في « آل بدر » حتى أشرف على « بطن نخل » ، ثم هاب النبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه ، فورد المدينة ، فأتى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فدعاه إلى الإسلام ، فلم يبعد ، ولم يدخل فيه ، وقال : إني أريد أن أدنو من جوارك ، فوادعنى . فوادعه ثلاثة أشهر ، فلما انقضت المدة ، انصرف هو وقومه إلى بلادهم ، وقد أسمنوا وألبنوا ، وسمن الحافر من الصّلَّيان [3] ، وأعجبهم مرآة البلد ، فأغار « عيينة » بذلك الحافر ، على لقاح النبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - التي كانت بالغابة [4] . فقال له الحارث [1] بن عوف : بئس ما جزيت به محمدا ! أسمنت [2] في بلاده ، ثم غزوته ! قال : هو ما ترى . فقال / 155 / النبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيه : الأحمق المطاع . ثم أسلم ، فكان من المؤلفة قلوبهم ، وارتدّ حين ارتدّت العرب ، ولحق ب « طليحة بن خويلد » حين تنبّأ ، وآمن به ، فلما هزم « طليحة » وهرب ، أخذ « خالد بن الوليد » « عيينة بن حصن » ، فبعث به إلى « أبى بكر » - رضى الله تعالى عنه - في وثاق ، فقدم به المدينة ، فجعل غلمان « المدينة » ينخسونه بالجريد ، ويضربونه ، ويقولون : أي عدو الله ! لقد كفرت با لله بعد
[1] الشريد - البقية . [2] تغلمان - موضع . بطن نخل - قرية قريبة من المدينة على طريق البصرة . ( معجم البلدان ) . [3] الصليان - نبت له سنمة عظيمة كأنها رأس القصبة إذا خرجت أذنابها تجذبها الإبل . والعرب تسميه : خبزة الإبل . [4] الغابة - موضع قرب المدينة من ناحية الشام . ( معجم البلدان ) . [1] ه ، و : « الجارود » . [2] ه ، و : « سمنت » .