بقية يومهم وليلتهم ، ثم خرج / 79 / من غد في ألف رجل من أصحابه ، فلما كانوا ببعض الطريق انخزل « عبد الله بن أبىّ بن سلول » بثلث الناس ، وقال : والله ما ندري علام نقتل أنفسنا ! وهمّت بنو حارثة وبنو سلمة بالرّجوع . ثم عصمهم الله - عز وجل - ومضى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فذبّ فرس بذنبه فأصاب ذؤابة سيف فاستلَّه ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لصاحب السيف - وكان يحب الفأل ولا يعتاف [1][1] - : شم سيفك ، فإنّي أرى السيوف ستسل اليوم . وكانت قريش يومئذ ثلاثة آلاف . ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في سبعمائة . وظاهر يومئذ بين درعين ، وأخذ سيفا فهزه وقال : من يأخذه بحقه ؟ فقال عمر بن الخطاب : أنا . فأعرض عنه . وقال الزّبير : أنا . فأعرض عنه . فوجدا في أنفسهما . فقام أبو دجانة سماك بن خرشة فقال : [ وما حقّه يا رسول الله ؟ قال : تضرب به حتى ينثني . فقال : أنا آخذه بحقه [2] ، فأعطاه إياه . وكان على الرّماة يومئذ : عبد الله بن جبير - أخو خوّات بن جبير ، صاحب ذات النّحيين [2] - وكانت على المشركين الدائرة [3] ، حتى خالفت الرّماة على ما أمرهم به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من الثّبوت بموضعها ، ومالت إلى الغنائم ، فأصيب المسلمون وانهزم منهم من انهزم .
[1] العيافة - زجر الطير والتفاؤل بأسمائها . شم سيفك - أغمده . وهذا الفعل من الأضداد . [2] ذات النحيين - النحى : الزق الَّذي فيه السمن . وذات النحيين : امرأة من تيم اللَّه ابن ثعلبة ، وكانت تبيع السمن في الجاهلية ، فأتى خوات بن جبير الأنصاري يبتاع منها سمنا ويساومها . فحمل نحيا مملوءا . فقال : أمسكيه حتى انظر غيره . ثم حمل آخر وقال لها : أمسكيه فلما شغل يديها ساورها حتى قضى ما أراد وهرب . ( لسان : نحا ) . [1] ط ، ه ، و : « يعاف » . [2] تكملة من : ب ، ل . [3] ب : « الدبرة » .