ذلك ، فسار إلى « يثرب » ، ونزل في سفح « أحد » ، وبعث إلى اليهود ، فقتل منهم ثلاثمائة وخمسين رجلا صبرا ، وأراد إخرابها ، فقام إليه رجل من اليهود ، قد أتت له مائتان وخمسون سنة ، فقال له : أيها الملك مثلك لا يقتل على الغضب ، ولا يقبل قول الزور ، وأمرك أعظم من أن يطير بك نزق ، أو يسرع بك لجاج ، وإنك لا تستطيع أن تخرب هذه القرية . قال : ولم ؟ قال : لأنها مهاجر نبيّ من ولد « إسماعيل » يخرج من عند هذه البنية - يعنى البيت الحرام - فكف « تبع » عن ذلك ، ومضى يريد « مكة » ، ومعه هذا اليهودي ، ورجل آخر من اليهود عالم ، وهما الحبران ، فأتى « مكة » ، وكسا البيت ، وأطعم الناس ، وهو القائل : [ خفيف ] < شعر > فكسونا البيت الَّذي حرّم الله ملاء معضّدا وبرودا < / شعر > ويقول قوم : إن قائل هذا هو تبع الأوسط . ثم رجع إلى « اليمن » ، ومعه الحبران ، وقد دان بدينهما ، وآمن « بموسى » وما نزل في التوراة ، وبلغ ذلك أهل « اليمن » ، فاختلفوا عليه ، وامتنعوا عن متابعته على دينه ، فحاكمهم إلى النار ، بأن دخلها الحبران وقوم منهم فأحرقتهم ، وسلم الحبران والتوراة ، فانقادوا له وتابعوه ، فبذلك دخلت اليهودية « اليمن » . و « تبع » هذا هو الَّذي عقد الحلف بين « اليمن » و « ربيعة » . وكان ملكه ثمانيا وسبعين سنة . مرثد بن عبد كلال : ثم ملك بعده « مرثد بن عبد كلال » ، وهو أخو « تبع » لأمه ، وكان ذا رأى وبأس وجود ، وبعده تفرّق ملك « حمير » ، فلم يعد ملكهم « اليمن » ، وأهلها . وكان ملكه إحدى وأربعين سنة .