فكان يأتي أصحابها ليعزّيهم ، ثم ترك ذلك كله ، فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد ، ولا الجمعة ، ولا يأتي أحدا يعزيه ولا يقضى له حقا ، واحتمل الناس له ذلك ، حتى مات عليه . وكان ربما كلم في ذلك ، فيقول : ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره . وسعى به إلى « جعفر بن سليمان » ، وقالوا : إنه لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء . فغضب « جعفر » ، ودعا به ، وجرّده ، فضربه بالسياط ، ومدّت يده حتى انخلعت كتفه ، وارتكب منه أمرا عظيما . فلم يزل بعد ذلك الضرب في علوّ ورفعة ، وكأنما كانت تلك السياط حليا حلى / 251 / به . ومات سنة تسع وسبعين ومائة ، وله يوم مات خمس وثمانون سنة ، ودفن ب « البقيع » . أبو يوسف القاضي هو : يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن حبتة . من « بجيلة » . وكان « سعد بن حبتة » استصغر يوم « أحد » . ونزل « الكوفة » ، ومات بها . وصلَّى عليه « زيد بن أرقم » ، وكبّر عليه خمسا . وكان « أبو يوسف » يروى عن « الأعمش » ، و « هشام بن عروة » ، وغيرهما . وكان صاحب حديث ، حافظا ، ثم لزم « أبا حنيفة » ، فغلب عليه الرأي . وولى قضاء « بغداد » ، فلم يزل قاضيا بها إلى أن مات سنة اثنتين وثمانين ومائة ، في خلافة « هارون » . وابنه « يوسف » ولى أيضا قضاء الجانب الغربىّ ، في حياة أبيه ، ثم توفى سنة اثنتين وتسعين ومائة .