وكان سبب تسبيره أن « حمران بن أبان » ، كتب فيه أنه لا يأكل اللحم ، ولا يغشى النساء ، ولا يقبل الأعمال - يعرّض بأنه خارجي - فكتب « عثمان » إلى « ابن عامر » : أن ادع « عامرا » ، فإن كانت فيه هذه الخصال ، فسيّره . فسأله ، فقال : أما اللحم ، فإنّي مررت بقصّاب يذبح ، ولا يذكر اسم الله ، فإذا اشتهيت اللحم ، اشتريت شاة فذبحتها . وأما النساء ، فإن لي عنهن شغلا ، وأما الأعمال ، فما أكثر من تجدونه سواي . فقال له « حمران » : لا أكثر الله فينا أمثالك . فقال له عامر : بل أكثر الله فينا من أمثالك : كسّاحين وحجّامين . أبو مسلم الخولانيّ هو من أهل الشام . واسمه : عبد الله بن ثوب . وهو الَّذي دخل على « معاوية » ، فقال له : السلام عليك أيها الأمير ، وكلَّمه بكلام في الرعية . وتوفى في خلافة « يزيد بن معاوية » . حدثني أبو حاتم السجستاني ، قال : حدثني الأصمعي ، قال : حدثني عمران بن حدير [1] ، عن رجل من أهل الشام ، قال : قال كعب الأحبار لقوم من أهل « الشام » : كيف رأيكم في أبى « مسلم » ؟ قالوا : ما أحسن رأينا فيه ، وأخذنا عنه . قال : إن أزهد الناس في العالم أهله ، وإن مثل ذلك مثل الجنة تكون في القوم ، فيرغب فيها الغرباء ، ويزهد فيها القرباء . فبينا ذلك إذا غار ماؤها ، / 225 / فأصاب هؤلاء منفقها ، وبقي هؤلاء يتفكنون [2] ، أي يتندمون .
[1] الأصول : « جدير » بالجيم ، تصحيف . انظر : التهذيب ( 8 : 125 ) . [2] ب ، ط ، ل : « يتفكرون » .