responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 330


افتقادي فعاهدته ولم يأخذ مني الدرهمين ثم إني شغلت عنه بما تجدد لي من الأمور والأحوال وصرت إلى هذه المنزلة ونسيت ذلك فلما أكلنا اليوم ونمت رأيته في المنام قد دخل علي وقال لي : أين الوفاء بالعهد الذي بيني وبينك وإتمام وعدك لا تغدر فيغدر بك فاستيقظت وفعلت ما رأيتم ثم زاد في إحسانه إلى بنات المنجم وفاء لوالدهما بما وعده والله أعلم .
ومما أسفرت عنه وجوه الأوراق وأخبرت به الثقات في الآفاق وظهرت روايته بالشام والعراق وضرب به الأمثال في الوفاء بالاتفاق حديث السموأل بن عاديا وتلخيص معناه أن امرأ القيس الكندي لما أراد المضي إلى قيصر ملك الروم أودع عند السموأل دروعاً وسلاحاً وأمتعة تساوي من المال جملة كثيرة فلما مات امرؤ القيس أرسل ملك كندة يطلب الدروع والأسلحة المودعة عند السموأل فقال السموأل : لا أدفعها إلا لمستحقها وأبى أن يدفع إليه منها شيئاً .
فعاوده فأبى وقال : لا أغدر بذمتي ولا أخون أمانتي ولا أترك الوفاء والواجب علي . فقصده ذلك الملك من كندة بعسكره فدخل السموأل في حصنه وامتنع به فحاصره ذلك الملك . وكان ولد السموأل خارج الحصن فظفر به ذلك الملك فأخذه أسيراً ثم طاف حول الحصن وصاح بالسموأل فأشرف عليه من أعلى الحصن فلما رآه قال له : إن ولدك قد أسرته وهاهو معي فإن سلمت إلي الدروع والسلاح التي لامرئ القيس عنك رحلت عنك وسلمت إليك ولدك وإن امتنعت من ذلك ذبحت ولدك وأنت تنظر فاختر أيهما شئت . فقال له السموأل : ما كنت لأخفر ذمامي وأبطل وفائي . فاصنع ما شئت فذبح ولده وهو ينظر ثم لما عجز عن الحصن رجع خائباً . واحتسب السموأل ذبح ولده وصبر محافظة على وفائه فلما جاء الموسم وحضر ورثة امرئ القيس سلم إليهم الدروع والسلاح ورأى حفظ ذمامه ورعاية وفائه أحب إليه من حياة ولده وبقائه فسارت الأمثال في الوفاء تضرب بالسموأل وإذا مدحوا أهل الوفاء في الأنام ذكروا السموأل في الأول وكم أعلى الوفاء رتبة من اعتقله بيديه وأغلى قيمة من جعله نصب عينيه واستنطق الأفواه لفاعله بالثناء عليه واستنطق الأيدي المقبوضة عنه بالإحسان إليه .
ومما وضع في بطون الدفاتر واستحسنته عيون البصائر ونقلته الأصاغر عن الأكابر وتداولته الألسنة من الأوائل والأواخر ما رواه خادم أمير المؤمنين المأمون قال : طلبني أمير المؤمنين ليلة وقد مضى من الليل ثلثه فقال لي : خذ معك فلاناً وفلاناً وسماهما أحدهما علي بن محمد والآخر دينار الخادم واذهب مسرعاً لما أقوله لك فإنه قد بلغني أن شيخاً يحضر ليلاً إلى دور البرامكة وينشد شعراً ويذكرهم ذكراً كثيراً ويندبهم ويبكي عليهم ثم ينصرف فامض الآن أنت وعلي ودينار حتى تروا هذه الخرابات فاستتروا خلف بعض الجدران فإذا رأيتم الشيخ قد جاء وبكى وندب وأنشد شيئاً فائتوني به . قال : فأخذتهما ومضينا حتى أتينا الخرابات وإذا نحن بغلام قد أتى ومعه بساط وكرسي حديد وإذا شيخ وسيم له جمال وعليه مهابة ووقار قد أقبل فجلس على الكرسي وجعل يبكي وينتحب ويقول : [ من الطويل ] ولما رأيت السيف جندل جعفراً * ونادى مناد للخليفة في يحيى بكيت على الدنيا وزاد تأسفي * عليهم وقلت الآن لا تنفع الدنيا

330

نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست