responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 252


بحرمة غربتي كم ذا الصدود * ألا تحنوا علي ألا تجودوا سرور العيد قد عم النواحي * وحزني في ازدياد لا يبيد فإن كنت اقترفت خلال سوء * فعذري في الهوى أن لا أعود توفي الجنيد رحمه الله تعالى سنة سبع وتسعين ومائتين ببغداد وصلى عليه نحو ستين ألفاً رضوان الله عليهم أجمعين .
وممن صحبته وانتفعت بصحبته وفاضت الخيرات علي ببركته سيدي الشيخ الإمام العالم العامل أبو المعالي وأبو الصدق أبو بكر بن عمر الطريني المالكي قدس الله سره وروحه ونور ضريحه كان أوحد زمانه في الزهد والورع قامعاً لأهل الضلال والبدع وله أسرار ظاهرة وبركات متواترة . قد أطاع أمره الخلائق عجماً وعرباً وانتشر ذكره في البلاد شرقاً وغرباً وأتت الملوك إلى بابه واختاروا أن يكونوا من جملة أصحابه ما أتاه مكروب إلا فرج الله كربته ولا طالب حاجة إلا قضى الله حاجته كان محافظاً على النوافل ملازماً للفرض وكان أكثر أكله من المباح من نبات الأرض لم يمتع نفسه في الدنيا بالمآكل والمشارب اللذيذة بل قيل : إنه غضب على نفسه مرة فمنعها شرب الماء شهوراً عديدة وكان رضي الله عنه كثير الشفقة والحنو على أصحابه نصوحاً لجميع خلق الله من أعدائه وأحبابه يدخل عليه أعدى عدوه فيقبل ببشره وبره عليه فيخرج عنده وهو أحب الناس إليه كما قال بعضهم : [ من الطويل ] وإني لألقى المرء أعلم أنه * عدوي وفي أحشائه الضغن كامن فأمنحه بشرى فيرجع قلبه * سليماً وقد ماتت لديه الضغائن وكانت حملة أهل زمانه عليه وأحوالهم في كل أمر راجعة إليه وكنت كثيراً ما أسمعه يتمثل بهذا البيت : [ من الطويل ] وما حملوني الضيم إلا حملته * لأني محب والمحب حمول وكان رضي الله عنه كثير المصافاة عظيم الموافاة شأنه الحلم والستر لم يهتك حرمة مسلم ولا فضحه وما استشاره أحد في أمر إلا أرشده إلى الخير ونصحه صحبته رضي الله عنه نحو خمس عشرة سنة فكأنها من طيبها كانت سنة ما قطع بره يوماً واحداً عني حتى كنت أظن أن ليس عنده أخص مني وكان ذلك فعله مع جميع أصحابه قاطبة . بيض الله وجهه في القيامة وبلغه من فضل ربه مآربه وكان رضي الله عنه فقيهاً في مذهب الإمام مالك إمام كبير لم ير له في زمانه من شبيه ولا نظير وله في علم الحقيقة أقوال وكم رأينا له من مكاشفات وأحوال ولو تتبعت مناقبه لاتسع الكلام ولكني أقول : كان أوحد عصره والسلام .
عاش رضي الله عنه نيفاً وستين سنة وكان الناس في زمانه في عيشة راضية وأحوال

252

نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي    جلد : 1  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست