نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 249
ومنهم قاسم بن عثمان الكرخي يكنى أبا عبد الملك من أجلاء المشايخ صحب أبا سليمان الداراني وغيره وكان من أقران السري والحرث المحاسبي وكان أبو تراب النخشبي يصحبه ومن كلامه : من أصلح فيما بقي من عمره غفر له ما مضى وما بقي ومن أفسد فيما بقي من عمره أخذ بما مضى وما بقي . وقال : السلامة كلها في اعتزال الناس والفرح كله في الخلوة بالله عز وجل وسئل عن التوبة فقال : التوبة رد المظالم وترك المعاصي وطلب الحلال وأداء الفرائض . وقال لأصحابه : أوصيكم بخمس إن ظلمتم فلا تظلموا وإن مدحتم فلا تفرحوا وإن ذممتم فلا تحزنوا وإن كذبتم فلا تغضبوا وإن خانوكم فلا تخونوا . وقال محمد بن الفرج : سمعت قاسم بن عثمان يقول : إن لله عباداً قصدوا الله بهممهم فأفردوه بطاعتهم واكتفوا به في توكلهم ورضوا به عوضاً عن كل ما خطر على قلوبهم من أمر الدنيا فليس لهم حبيب غيره ولا قرة عين إلا فيما قرب إليه وكان يقول : قليل العمل مع المعرفة خير من كثير العمل بلا معرفة ثم قال : أعرف وضع رأسك ونم فما عبد الله الخلق بشيء أفضل من المعرفة . وروي عنه أنه قال : رأيت في الطواف حول البيت رجلاً فتقربت منه فإذا هو لا يزيد على قوله : اللهم قضيت حاجة المحتاجين وحاجتي لم تقض فقلت له : ما لك لا تزيد على هذا الكلام . فقال : أحدثك كنا سبعة رفقاء من بلاد شتى غزونا أرض العدو فاستأسرونا كلنا فاعتزل بنا لتضرب أعناقنا فنظرت إلى السماء فإذا سبعة أبواب مفتحة عليها سبع جوار من الحور العين في كل باب جارية فقدم رجل منا فضربت عنقه فرأيت جارية في يدها منديل قد هبطت إلى الأرض فضربت أعناق الستة وبقيت أنا وبقي باب وجارية فلما قدمت لتضرب عنقي استوهبني بعض خواص الملك فوهبني له فسمعتها تقول : بأي شيء فاتك هذا يا محروم . وأغلقت الباب فأنا يا أخي متحسر على ما فاتني . قال قاسم بن عثمان : أراه أفضلهم لأنه رأى ما لم يروا وترك يعمل على الشوق . ومنهم سيدي أبو بكر دلف بن جحدر الشبلي كان جليل القدر مالكي المذهب عظيم الشأن . صحب الجنيد ومن في عصره وكان يبالغ في تعظيم الشرع المطهر وكان إذا دخل شهر رمضان المعظم جد في الطاعات ويقول : هذا شهر عظمه ربي فأنا أولى بتعظيمه . وسئل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : " خير عمل المرء كسبه يمينه فقال : إذا كان الليل فخذ ماء وتهيأ للصلاة وصل ما شئت ومد يديك وسل الله عز وجل فذلك كسب يمينك ولما حج ورأى مكة المشرفة شرفها الله تعالى وقع مغشياً عليه فلما أفاق أنشد يقول : [ من الخفيف ] هذه دارهم وأنت محب * ما بقاء الدموع في الآماق وروي أنه قال : كنت يوماً جالساً فجرى في خاطري أني بخيل فقلت : مهما فتح الله علي به اليوم أدفعه إلى أول فقير يلقاني قال : فبينما أنا متفكر إذ دخل علي شخص ومعه خمسون ديناراً فقال : اجعل هذه في مصالحك فأخذها وخرجت وإذا أنا بفقير مكفوف بين يدي مزين يحلق رأسه فتقدمت إليه وناولته الصرة فقال لي : ادفعها للمزين فقلت له : إنها دنانير فقال : إنك لبخيل قال : فناولتها للمزين فقال المزين : إن من عاداتنا أن الفقير إذا جلس بين أيدينا لا نأخذ منه أجراً قال : فرميتها في الدجلة وقلت : ما أعزك أحد إلا أذله الله تعالى .
249
نام کتاب : المستطرف في كل فن مستظرف نویسنده : الأبشيهي جلد : 1 صفحه : 249