responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 1


اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وآله رب يسر وأعن الحمد لله الذي جعل الأرض قراراً ، وفجر خلالها أنهاراً ، وجعل فيها رواسي ألزمتها استقراراً ، ومنعتها اضطراباً وانتثاراً ، جعلها قسمين فيافي وبحاراً ، وأودع فيها من بدائع الحكم وفنون المنافع ما بهر ظهوراً وانتشاراً ، وأطلع في آفاقها شموساً وأقماراً ، جعلها ذلولاً ، وأوسعها عرضاً وطولاً ، وأمتع بها شيباً وشباباً وكهولاً ، وعاقب عليها غيوثاً وقبولاً ، وأغرى في المشي في مناكبها تسويغاً للنعمة الطولى ، وتتميماً لإحسانه الذي نرجوه في الآخرة والأولى ، إن في ذلك لعبرة لمن صار له قلب وسمع وبصر وفهم منقولاً ومعقولاً " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً " أحمده على جزيل آلائه التي والى أمدادها ، وأحصى أعدادها ، وعم بها البرية وبلادها ، صلى الله على نبيه الكريم الذي زويت له الأرض فرأى غايتها ، وأبصر نهايتها ، وأخبر أن ملك أمته يبلغ ما رآه ، وينتهي إلى حيث قدره الخالق وأنهاه .
وبعد فإني قصدت في هذا المجموع ذكر المواضع المشهورة عند الناس من العربية والعجمية والأصقاع التي تعلقت بها قصة ، وكان في ذكرها فائدة أو كلام فيه حكمة ، أو لها خبر ظريف أو معنى يستملح أو يستغرب ويحسن إيراده . أما ما كان غريباً عند الناس ولم يتعلق بذكر فائدة ولا له خبر يحسن إيراده ، فلا ألم بذكره ولا أتعرض له غالباً استغناء عنه واستثقالاً لذكره ، ولو ذهبت إلى إيراد المواضع والبقاع على استقصاء لطال الكتاب وقل امتاعه ، فاقتصرت لذلك على ذكر المشهور من البقاع وما في ذكره فائدة : ونكبت عما سوى ذلك ، ورتبته على حروف المعجم لما في ذلك من الاحماض المرغوب فيه ولما فيه من سرعة هجوم الطالب على اسم الموضع الخاص من غير تكلف عناء وتجشم تعب ، فقد صار هذا الكتاب محتوياً على فنين مختلفين : أحدهما ذكر الأقطار والجهات وما اشتملت عليه من النعوت والصفات ، وثانيهما الأخبار والوقائع والمعاني المختلفة بها الصادرة عن مجتلبها .
واختلست ذلك من ساعات زمني ، وجعلته فكاهة نفسي ، وإن نصب فيه فكري وبدني . ورضته حتى انقاد للعمل ، وجاء حسب الأمل فأصبح طارداً للغموم ملقياً للهموم وشاهداً بقدرة القيوم ، مغنياً عن مؤانسة الصحب ، منبهاً على حكمة الرب ، باعثاً على الاعتبار ، مستحضراً لخصائص الأقطار ، مشيراً لآثار الأمم وأحداثها ، مشيراً إلى وقائع الأجيال وأنبائها . ثم إني قسته بالكتاب الأخباري المسمى بنزهة المشتاق فوجدته أعظم فائدة ، وأكثر أخباراً وأوسع في فنون التاريخ وصنوف الأحداث مجالاً ، حتى في وصف البلاد فإنه دائماً يذكر نبذة منها وشيئاً قليلاً في مواضع مخصوصة معدودة ، بل إنما عظم حجمه بما اشتمل عليه من قوله : " ومن فلانة إلى فلانة خمسون ميلاً أو عشرون فرسخاً ومن فلانة إلى فلانة كذا وكذا " . أما الخبر عن الأصقاع بما يحسن إيراده ويلذ سماعه من خبر ظريف أو وصف يستغرب أو يستملح فإنما يوجد فيه في مواضع قليلة معدودة ، إلى غير ذلك من عسر وجدان الناظر فيه مطلوبه بأول وهلة بل بعد البحث والتفتيش وجعلت الايجاز في هذا الكتاب قصدي ، وحرصت على الاختصار جهدي ، حتى جاء نسيج وحده مليحاً في فنه ، غريباً في معناه ، مبهجاً للنفوس المتشوقة ، مذهباً للأفكار المؤرقة ، مؤنساً لمن استولى عليه الإفراد ورغب عن معاشرة الناس ، ومع هذا فقد لمت نفسي على التشاغل بهذا الوضع الصاد عن الاشتغال بما

1

نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 1
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست