وصلوا فعلا في الوقت المناسب وعددهم أربعة آلاف بقيادة سفيان بن الأبرد الكلبي . وخرج أهل الشام في السبخة أمام الكوفة للقاء الخوارج واحتدم القتال بين الفريقين والحجاج يشهده وهو جالس على كرسي في مكان مرتفع . فدفعوا الخوارج خطوة إثر خطوة وحمل خالد بن عتاب وهو ابن عتاب بن ورقاء الذي قتل من قبل - على الخوارج فخرج بعصابة من أهل الكوفة [1] حتى دخل عسكرهم من ورائهم فقتل غزالة امرأة شبيب قتلها فروة ابن الدفان الكلبي وحرق في عسكره وأتى ذلك الخبر الحجاج وشبيبا فأما الحجاج وأصحابه فكبروا تكبيرة واحدة وأما شبيب فوثب هو وكل راجل معه على خيولهم وفروا عابرين فوق جسر الفرات وتخلف شبيب في حامية الناس حتى كان آخر العائدين وجعل يخفق برأسه غير مكترث وهو يفكر طويلا . ونبهه أصحابه إلى أن أهل الشام يتبعونه فالتفت غير مكترث ثم أكب يخفق رأسه فنبه إلى دنوهم مرة أخرى فالتفت غير مكترث ثم جعل يخفق برأسه . فبعث الحجاج إلى خيله أن دعوه في حرق الله وناره - فتركه أهل الشام ورجعوا . ويقال أن تكون المعركة قد وقعت قبل منتصف سنة 77 ه على أنه ليس لدينا تاريخ محدد . وخاض شبيب معركة أخرى في الأنبار ثم انسحب في بقية فرسانه - لان كثيرا منهم كانوا قد تخلوا عنه وتركوه - إلى أرض جوخي ولكن المقام لم يستقر به طويلا هناك فقرر الذهاب إلى كرمان حيث كان الأزارقة لا يزالون أقوياء هناك وكان قد عبر دجيل عند الأهواز لما أن أقبل أهل الشام بقيادة سفيان بن الأبرد فعبر شبيب إلى سفيان [2] لمقاتلته . فاضطرب القتال بين أهل الشام وبين الخوارج واستطاع أهل الشام أن يصمدوا لاندفاع شبيب . فعاد شبيب إلى المكان الذي كان فيه بعد أن كر عليهم أكثر من ثلاثين كرة وزحف أهل الشام إلى شبيب وأصحابه زحفا فلما انتهى شبيب إلى الجسر نزل ونزل معه نحو من مائة رجل واشتد
[1] الطبري ( 2 / 961 967 ) ومن هذا يتبين أن أهل الكوفة قد اشتركوا في القتال إلى جانب أهل الشام . وهذا يناقض ما ورد في الطبري ( 2 / 955 ) . وعمر بن شبة الذي يورد الطبري روايته المخالفة لرواية أبي مخنف ( الطبري 2 / 962 س 5 - 962 س 5 - 968 س 17 ) لا يتحدث عامة من أهل الكوفة ولعله تعمد أن يغفل ذكر أهل الشام . [2] في رواية أبي مخنف أنه كان قد وصل إلى كرمان وانجبر واستراح .