بين القتلى إلى المدائن مثخنا بجراحه وبعث إليه الحجاج بطبيبه الخاص لعلاجه من جراحاته [1] . وأقبل شبيب ظافرا يتابع الزحف حتى قطع دجلة عند الكرخ وبعث إلى سوق بغداد فآمنهم ثم أخذ بأصحابه نحو الكوفة ومزق جيشا أعترض طريقه وعبر الفرات إلى خفان واللصف في البادية وراح يقتل في بدو من ذوي قرابته كانوا يستوطنون هناك حتى استغاثوا بأنه يريد القضاء على القبيلة كلها . ومضى إلى مكان بعيد . فظن الحجاج أن الجو قد خلا فخرج إلى البصرة . وهناك تلقى الحجاج نبأ عودة شبيب للقتال . فعاد مسرعا وفي مساء اليوم الذي عاد فيه إلى الكوفة ظهر شبيب أمام الكوفة ومعه مائتا فارس . وفي الليل دخل شبيب وأصحابه الكوفة حتى انتهى إلى السوق ثم شد حتى ضرب باب القصر بعموده ضربة أثرت أثرا عظيما كان لا يزال يرى بعد ذلك بمدة طويلة [2] . وفي الصباح لم يكن لهم أثر هناك . فبعث الحجاج في إثره زائدة بن قدامة الثقفي في جيش كبير فلم يعثر له على أثر أينما بحث عنه . ذلك أن شبيبا قد سار في طريق منحن ثم ظهر فجأة في القادسية من الناحية الأخرى من الكوفة . ولم يقو على الوقوف في وجه جماعة من الفرسان أرسلوا إليه على عجل وصارت الكوفة مفتوحة أمامه . ولكنه فضل أن يهاجم زائدة بن قدامة الذي كان يعسكر عند ردبار على بعد 24 فرسخا . ونجح هذا الهجوم المفاجئ وقتل زائدة بن قدامة وأبيد شطر من جنوده ورغم ذلك رفض شبيب أن يدخل الكوفة على الرغم من حث أنصاره له على ذلك . ومضى في طريقه مارا بنفر والصراة وبغداد حتى بلغ خانيجار فأقام بها .
[1] يورد الطبري رواية مغايرة لهذه في ( ص / 911 س 18 - ص / 915 س 1 وفي ص / 915 س 1 ) يستأنف تسلسل الرواية الذي انقطع من ( ص / 911 س 18 ) . [2] إن الخبر الذي يقول إن شبيبا بدخوله الكوفة قد هيأ لزوجه غزالة أن تحقق نذرها أن تصلي ركعتين بمسجد الكوفة - لا يرد في كلام أبي مخنف ( وكل ما يقوله هو أن شبيبا دخل مساجد الكوفة ليقتل من كان لا يزال يصلي بالليل فيها ممن عثر عليه ) - بل نجده في المسعودي ( 5 / 321 ) ( والأغاني ) ( 16 / 155 ) ويشهد عليه بيت شعر ( المسعودي 5 / 441 ) تسمى فيه غزالة : وفت الغزالة نذرها * يا رب لا تغفر لها