عالية . والعرب والموالي لم يحتمل أحدهما الآخر وظهر أن مفعول الطبيعة أقوى من مفعول المبدأ . 6 - خوارج الموصل ومواصلة النضال . . . وفي نفس الوقت الذي كانت فيه الأزارقة تهدد البصرة كان فريق آخر من الخوارج قدموا من نواحي الموصل يهددون الكوفة وترجع أصول هؤلاء إلى رجل ناسك مخبت مصفر الجه صاحب عبادة اسمه صاح بن مسرح وكان زعيما للخوارج في تلك النواحي ( : دارا وأرض الموصل والجزيرة ) وهؤلاء كانوا على اتصال بالكوفة ومن هناك انتشروا ( الطبري 2 / 881 977 ) وكان تميميا ولكن غالبية العرب الذين كانوا يسكنون هناك على جانبي الدجلة كانوا من بني ربيعة وعلى الأخص من بني شيبان بن بكر الذين نزحوا من مواطنهم الأولى على الجانب الأيمن من نهر الفرات إلى صحاري الكوفة [1] . كان أتباعه من بين هؤلاء وكان يقرئهم القرآن ويعظهم داعيا إلى الحمية لله والثأر للناس من مظالم الحكام ومكافحة أئمة الباطل ومن والاهم من الفاسقين [2] . ولكنه لم يتعجل العمل بل ظل يدعو ويجتذب الأنصار إليه طوال عشرين عاما . وإنما حمل حملا على تقديم جماعته للقتال [3] . بث رسله في أصحابه وواعدهم الخروج في هلال صفر ليلة الأربعاء سنة 76 ه ( يوم الجمعة 21 مايو سنة 695 م ) واجتمع إليه من أصحابه جماعة تتراوح بين 115 و 120 رجلا كان عليهم أن يبدأوا بالهجوم على دواب الحاكم في رستاق دارا حتى تكون لهم خيول بغيرها وهم قلة لن يستطيعوا عمل شئ . ( وأقاموا بأرض دارا ثلاث عشرة ليلة وتحصن منهم أهل دارا وأهل نصيبين وأهل سنجار . ثم إن صالحا ومن معه فاجأوا
[1] كانت أم شبيب الشيباني من نواحي الموصل عند منحدر جبل ساتيدما . ولا شك أن أباه كان يعيش هناك ولكن أسرته كانت قد نزحت إلى هناك من ماء يدعى اللصف ( الطبري ص / 978 ) مارة بالكوفة وماء اللصف هذا يقع في صحراء الكوفة ( الحماسة ( 15 ) ولكن بعض بني أبيه بقي في اللصف وكان يزورهم هناك والد شبيب ( الطبري ) ( ص / 915 978 ) . ولعل تفرق بني شيبان لم يكن باختيارهم بل بسبب من معاوية . [2] وجدت مجموعة من هذه المواعظ أورد الطبري نموذجا منها ( ص / 881 وما يليها ) . [3] من قبله خرج فضالة بن يسار وقتل ( الطبري 2 / 893 وما يليها ) .