كان يحبذ ( الاستعراض ) تلك العادة القديمة عند خوارج البصرة وطبق مبدأ الانفصال عن ( الجماعة ) على الأسرة والوراثة وأخضع ( المهاجرة ) - أي المنضمين حديثا إلى رأي الخوارج - لامتحان قاس ولم يعترف ب ( التقية ) أعني بالانضمام إلى رأي الخوارج خوفا منهم دون إيمان باطن صادق [1] . أما أصحاب الفرق الخارجية الأخرى فكانوا في هذه المسائل أكثر لينا ومرونة على درجات متفاوتة فيما بينهم لا يمكن تحديدها بالدقة . والفارق الرئيسي هو أنهم كانوا يجوزون التستر في بعض الأحيان وعدم خوض القتال باستمرار ضد ( الجماعة ) . ولكن حيث ينشب القتال ويشتركون فيه كانوا يظهرون من الجرأة وعدم الاحتياط ما لا يقل عما كانت تفعله الأزارقة . 4 - خوارج النجدات : وقد انتشرت الفرق الخارجية المضادة لفرقة الأزارقة من البصرة إلى سائر مواطن الخوارج في دار الاسلام . وكانت هناك فرقة من الخوارج غير هذه كلها لا تذكر كثير نظرا لقصر عمرها ولانحصارها في بيئة صغيرة ونعني بها فرقة ( النجدات ) التي كانت تقيم في اليمامة من أرض البصرة . كان رجالها من بني بكر ومن الفلاحين العتاة من بني حنيفة منهم بخاصة . وسموا بذلك نسبة إلى نجدة بن عامر الحنفي الخارجي . وهو وحده لا أحد غيره الذي سمح بأن يساعد الخوارج ابن الزبير في مكة ( الطبري 2 / 401 وما يليها ص / 425 س 14 ) . ولما رفع الحصار عن مكة لم يلحق بأولئك الذين قفلوا راجعين إلى اليمامة بل لحق بابن الأزرق - وهما ينتسبان إلى قبيلة واحدة - وذهبا معا إلى البصرة في سنة 64 ه . ثم ما لبث أن انفصل عنه لخلاف بينهما ولأنه - فيما يلوح - توارى في ظله . فعاد إلى اليمامة . ولدينا روايتان عن نشاطه هناك تتفقان فيما بينهما [2] وترجعان في جوهريهما إلى ما رواه المدائني : وإحدى الروايتين مفصلة وردت في الكتاب المجهول
[1] في رواية الكتاب المجهول المؤلف الذي نشره ألفرت يرد حديث عن هذه المبادئ التي قال بها ابن الأزرق وموقف نجدة منها . ويمكن استخلاص معنى ( التقية ) ( لا ( الثقية ) كما في النص ) مما ورد في ذلك الكتاب ( ص / 142 س 4 ) . [2] راجع الكتاب المجهول المؤلف ( ص / 139 س 5 ) وقارنه بما في ابن الأثير ( 168 ص 18 ) وما يليه .