responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الخوارج والشيعة نویسنده : دكتر عبد الرحمن البدوي    جلد : 1  صفحه : 144


محمد بن الحنفية ) لم يعرف عن أمره شيئا ولم يشأ أيضا أن يعلم عن أمره شيئا .
فلم يكن ضميره نقيا من هذه الناحية ولكن الظروف في ذلك الحين لم تسمح له - بوصفه مسلما وشيعيا - أن يظهر باسمه هو الخاص بل كان عليه أن يخلق لنفسه مركز ( أمين ) للمهدي المستتر وبهذا أعطى نموذجا لما سنراه في المستقبل وأمثال هذه الطبائع الجنية تكون دائما حافلة بالغموض والاسرار والمشاكل والوضوح التام لا يكاد أن يكون صفة ممدوحة فيها . فالمسألة عن إخلاصه لا تتعدى السؤال عما إذا كان هو نفسه مؤمنا بنفسه ويلوح أن الامر كان كذلك في البداية ثم استيقظت في الشيخ فجأة مشاعر الضمير الاعلى فتحالفت فيه الأثرة مع الثقة الدينية الثابتة كالطود الراسخ . وهو حينما لم يكن بعد شيئا وكان يعرض نفسه لأعظم الاخطار كان يبهر العالم بما اتصف به من ثقة ظافرة بالنفس ووضوح بارز في تحديد أهدافه أما أن ذلك كان آنذاك مجرد تمثيل مسرحي فهذا أمر لا نكاد نملك افتراضه بل الأحرى أن يقال : إنه كان شديد الايمان بنفسه وعن هذا الطريق أوجد الايمان به في نفوس الآخرين وحرك الجماهير حقا أنه اضطر بعد ذلك إلى النفخ في الرماد لضمان اشتعال الرماد ولكنه كان قد كون فكرته وراح من بعد يخاطر بنفسه وقد دفعه أنصاره العمي إلى ما تجاوز نطاق إرادته . وقد كان في حاجة إلى تعصبهم ولم يكن في استطاعته كبح جماحهم حتى لو حاول ذلك . والحاسم دائما هو البداية والحماسة لا تبقى أبدا صافية على حالها وما أسهل أن يستحيل ( النبي ) إلى متنبئ ! ومن الافك الصراح أن يقال إنه في محنته الأخيرة قد اعترف - مستهزئا - بنفاقه وإنه سخر من أنصاره المخلصين . إذ يكفي لتفنيد ذلك أن زوجته وهي عربية نبيلة من المدينة استشهدت في سبيله بعد مقتله لأنها لم تشأ إنكار إيمانها به .
وكان ثمت آخرون ظلوا على الاخلاص لذكراه بعد مصرعه .
على أن التاريخ في نهاية الامر ليس من شأنه أن يسبر القلوب بل شأنه أن يقدر أعمال الناس وأيا ما كان الامر في شأن طبيعة المختار فإنه قد أحدث آثارا لا يبالغ في تقديرها بسهولة .

144

نام کتاب : الخوارج والشيعة نویسنده : دكتر عبد الرحمن البدوي    جلد : 1  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست