وانقياد العصاة لطاعته ما تعجز عن تصوره الأوهام وتكل في تحبيره الأقلام وقيض له من ابنه وولى عهده الحكم المستنصر بالله المدعو بأمير المؤمنين بعده من زان ملكه وزاد في أبهته وقام بأمره أحسن قيام فكمل جلاله وجل كماله . وكان الناصر على علاء جانبه واستيلاء هيبته يرتاح للشعر وينبسط إلى أهله ويراجع من خاطبه به من خاصته . قال أبو عمر أحمد بن محمد بن فرج صاحب كتاب الحدائق حدثني أبو بكر إسماعيل بن بدر أنه خاطب أمير المؤمنين الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد رحمه الله في غزاة كان آلى ألا يأنس فيها بمنادمة أحد حتى يفتتح معقلا فافتتح معقلا بعد آخر وتمادى على عزمه في العزوف عن المنادمة فذكر أنه كتب إليه : لقد حلت حميا الراح عندي * وطابت بعد فتحك معقلين وآذن كل هم بانفراج * وأن يقضى غريم كل دين قال فلم يحركه ما خاطبته به فعاودته بالمخاطبة فقلت : يا ملكا رأيه ضياء * في كل خطب ألم داج من لي بيوم به فراغ * ليس أخو حربه بناج