responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون    جلد : 1  صفحه : 407


وبين مصروف بالرويّة ، وبين مدبّر باللسان ، وعناية النفس السائسة قد دبرت هذه الأشياء كلها ، فما ينساق منها بقوتها على المراد والايثار أكثر مما ينساق منها بالاجتهاد والإجبار ، وإني لأهمّ بالشيء فأكون كأني قد باشرته ، وأومىء إليه فأكون كأني قد تقدمت فيه ، وآمر به فكأني قد كفيته ، وألبسه فأكون كأني قد فرغت منه ، وربما وجدت في أموري ما يسبق أمنيتي ويزيد على اقتراحي ، ولقد بلغت ما ترون فما أعيتني إيالة ولا أعوزتني آلة ، وما نفعني كلام ككلام كتبه إليّ أرسطو معلمي ، فإنه قال في رسالة : أيها الملك لا تنخدع للهوى وإن خيّل إليك أنّ في انخداعك له خداعه ، فقد يسترسل الانسان في بعض الأشياء ، وهو يظنّ أنه متحفّظ ليظفر بمطلوبه ، فيعود إليه ذلك الاسترسال بأعظم الوبال ، ويضمحلّ ذلك التحفظ كأنه لم يخطر ببال . واجمع في سياستك بين بدار لا حدّة فيه وريث لا غفلة معه ، وامزج كلّ شيء بشكله حتى تزداد قوة وعزّة من ضده حتى تتميز لك صورته ، وصن وعدك من الخلف فإنه شين ، وشب وعيدك بالعفو فإنه زين ، وكن عبدا للحقّ فعبد الحقّ حرّ ، وليكن وكدك الاحسان إلى جميع الخلق ، ومن الاحسان وضع الإساءة في موضعها ، فإن للاحسان أهلا وإن لضده أهلا ، وكن نصيح نفسك فليس لك أرأف بك منك ، وإذا أشكل عليك أمر ، واعتاص على حولك وجه ، فاضرع إلى اللَّه الذي قادك إلى هذه الغاية ، فإنه يفتح عليك المرتج ، ويتمّ لك المخدج ، ويجعل لك في كلّ أمر أسهل المدخل والمخرج . وإذا أفاتك اللَّه شيئا فاستيقن أنّ ذلك لسهو عرض لك في الشكر على ما أفادك ، والشكر على النعمة هو أن تعترف بالنعم للَّه أولا ، ثم تشرك عباده فيها ثانيا ، ومهما أخطأك شيء فلا يخطئنّك الفكر في الرحيل عن هذا الحرى ( 1 ) ، فإنك إذا فكَّرت فيه سلوت عن الفائت ، وقلّ اعتدادك بالحاصل ، وكما يعجبك من غيرك أن يصدقك فليعجبك أن تصدق نفسك حتى يقبل منها صدقها لك . وإذا تظاهر

407

نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون    جلد : 1  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست