نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 417
إنّ هذا يدلّ بخاصة منك . قال صدق ، وسأخبرك ما ينفعه عندي من مودته ، إن يكن الحقّ له عليك آخذك به أخذا عنيفا ، وإن يكن الحق لك عليه أقض عليه ثم أقضي عنه . وهذا في ظنّ زياد غاية العدل ، والمستحسن الخالص ما روي عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه ، قال : اللهم إن كنت تعلم أني أبالي إذا قعد الخصمان بين يديّ على أيهما كان الحقّ فلا تمهلني طرفة عين . [1072] - كان المنصور داهيا أريبا سديد الرأي ، وكان مقدّما في علم الكلام مكثرا من كتب ( 1 ) الآثار ، فلما همّ بقتل أبي مسلم سقط بين الاستبداد برأيه والمشاورة فيه ، فأرق ليلته في ذلك ، فلما أصبح دعا باسحاق بن مسلم العقيلي وقال له : حدّثني حديث الملك الذي أخبرتني عنه بحرّان ، قال : أخبرني أبي عن الحضين بن المنذر أن ملكا من ملوك فارس يقال له سابور ذو الاكتاف ( 2 ) كان له وزير ناصح قد اقتبس أدبا من أدب الملوك وشاب ذلك بفهم في الدين ، فوجّهه سابور داعية إلى أهل خراسان ، وكانوا قوما عجما يعظَّمون الدنيا جهالة بالدين ، وكان يقال : لكلّ ضعيف صولة ، ولكلّ ذليل دولة . فلما تلاحمت أعضاء الأمور التي لقّح ، استحالت حربا عوانا شالت أسافلها بأعاليها فانتقل العزّ إلى أذلَّهم ( 3 ) والنباهة إلى أخملهم ، فاشربوا له حبا ، فلمّا استوسقت له البلاد بلغ سابور أمرهم و [ ما ] أحال عليه [ من ] طاعتهم ، ثم لم يأمن زوال القلوب وغدرات الوزراء ، فاحتال في قطع رجائه عن قلوبهم ، وكان يقال : [ من الوافر ] .