نام کتاب : التذكرة الحمدونية نویسنده : ابن حمدون جلد : 1 صفحه : 294
وأضيقها في التناصف ، لا يجري لأحد إلا جرى عليه ، ولا يجري عليه إلا جرى له ؛ ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا للَّه تعالى دون خلقه ، لقدرته على عباده ، ولعدله في كلّ ما جرت عليه صروف قضائه ، ولكن جعل حقّه على العباد أن يطيعوه ، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضّلا منه وتوسّعا بما هو من المزيد لأهله . ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض ، فجعلها [ تتكافأ ] في وجوهها ، ويوجب بعضها بعضا ، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض . وأعظم ما افترض اللَّه سبحانه من تلك الحقوق حقّ الوالي على الرعية ، وحقّ الرعية على الوالي ، فريضة فرضها اللَّه تعالى لكلّ على كلّ ، فجعلها نظاما لألفتهم وعزا لدينهم ، فليست تصلح الرعية إلَّا بصلاح الولاة ، ولا تصلح الولاة إلَّا باستقامة الرعية ، فإذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه ، وأدّى إليها حقّها ، عزّ الحقّ بينهم ، وقامت مناهج الدين ، واعتدلت معالم العدل ، فصلح بذلك الزمان ، وطمع في بقاء الدولة ، ويئست مطامع الأعداء . وإذا غلبت الرعيّة واليها ، وأجحف الوالي برعيّته ، اختلفت هناك الكلمة ، وظهرت معالم الجور ، وكثر الإدغال في الدين ، وتركت محاجّ ( 1 ) السنن ، فعمل بالهوى ، وعطَّلت الأحكام ، وكثرت علل النفوس ، فلا تستوحش لعظيم حقّ ( 2 ) عطَّل ، ولا لعظيم باطل فعل ، فهنالك تذلّ الابرار ، وتعزّ الأشرار ، وتعظم تبعات اللَّه عند العباد ، فعليكم بالتناصح في ذلك وحسن التعاون عليه . [785] - يقال إن جمشيد وهو الثالث من ملوك الفرس ملك الأقاليم وصنّف الناس وطبقهم ، وعمل أربعة خواتيم : خاتما للحرب والشرط وكتب