نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 185
من سيده ، إذا شهد أطاعه وإذا غاب اغتابه ، وحتى يكون أعظمكم فيها عناء أحسنكم بالله ظنا ، فإن أتاكم الله بعافية فاقبلوا ، وإن ابتليتم فاصبروا ، فإن العاقبة للمتقين [1] . في هذا النص يكشف الإمام عن وجوه أخرى من المعاناة والعذاب : 1 - سقوط حرمة القانون عند الطغمة الحاكمة التي يفترض فيها ، وهي تحكم باسم الدين ، أن تحافظ عليه من حيث التطبيق . 2 - انتشار الظلم ، وعدم اقتصاره على الحواضر والمدن ، بل يشمل جميع مستويات الأمة فيعاني منه سكان المدن وبدو الصحراء . 3 - الإذلال ، وهدر كرامة الإنسان الذي يتحول ، لطول ما يعاني من الإذلال ، إلى ما يشبه أخلاق الرقيق . إن هذا الواقع يجعل المعاناة شاملة في قضايا الدين وقضايا الدنيا ، ويكون أشد الناس بلاء ومعاناة أكثرهم وعيا ، وأصلبهم عودا في مواجهة إغراء الفتنة وإرهابها . ولكن الإمام يوصي هذه الفئة المستنيرة التي لم تستهلكها الفتنة بالصبر ، لأن الفتنة في هذه المرحلة لا تقاوم ، وكل جهد يبذل في مقاومتها جهد ضائع مهدور يزيد الشرعية ضعفا ووحدة وعزلة دون أن يؤثر على الفتنة ، وهي في أوج انتصارها شيئا . * ومن ذلك قوله عليه السلام : راية ضلال قد قامت على قطبها [2] وتفرقت بشعبها [3] تكيلكم بصاعها [4] ، وتخبطكم بباعها [5] ، قائدها خارج من الملة ، قائم على الضلة ، فلا يبقى يومئذ منكم إلا ثفالة كثفالة القدر [6] أو
[1] نهج البلاغة ، الخطبة رقم : 98 . [2] استحكم أمرها كالرحى حين تستقر على قطبها . [3] الشعب : الفروع . يعني أن الفتنة تغلغلت في جميع ثنايا المجتمع . [4] تشمل الناس بشرها دون تمييز كما يكال الحب بالصاع . [5] تضرب بذراعها جميع الأمة فلا يمتنع منها أحد ، مأخوذ من ( خبط الشجرة ) ضربها بالعصا ليسقط ثمرها أو يتناثر ورقها . [6] الثفل : نفاية الشئ ، وما لا خير فيه منه ، وثفالة القدر ما يبقى فيه من هذا القبيل .
185
نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 185