نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 183
4 - المعاناة تنتصر الفتنة ، فتأتي بحكم غير عادل ، لا يرى في الأمة إلا موضوعا لتسلطه ومصدرا للمال . وهي غير أخلاقية ، لأن قادتها يتبعون في سياسة الناس منطق الغريزة ، لا منطق القانون والعدالة . ومن هنا وهناك فلا بد أن يكون لها ضحايا كثيرة . ومن ضحاياها خصومها السياسيون الذين حاربوها في الماضي ، وغلبوا على أمرهم في النهاية . ومن ضحاياها خلفاؤها الذين ساندوها في أيام ضعفها ، واستغنت عنهم في أيام قوتها . ومن ضحاياها الغافلون عن شرورها وأخطارها ، الذين كانوا محايدين في المعركة الدائرة بينها وبين أهل الحق ، ثم دهشوا عند انتصارها ، فاحتجوا أو أظهروا معارضتهم لها . وأكبر ضحاياها الأمة كلها حين تحولها الفتنة المنتصرة إلى موضوع للتسلط ، ومصدر لصنع الثروات ، وتوفير أسباب الترف واللهو لنخبتها ، وجهازها القمعي ، وحلفائها . وهكذا تبدأ معاناة الأمة من الفتنة ، من ظلمها وتسلطها ، من عدوانها الذي ينتشر كالوباء فيصيب كل فئة من المجتمع المغلوب على أمره بشتى ألوانه : العدوان الأخلاقي ، والعدوان السياسي ، والعدوان الاقتصادي . وقد صور الإمام علي وجوها من معاناة الأمة وعذاباتها بعد انتصار الفتنة في لوحات معبرة تكاد تنطق بالحركة الحية .
183
نام کتاب : التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام نویسنده : الشيخ محمد مهدي شمس الدين جلد : 1 صفحه : 183