responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 575


كانت فيه تامة وافرة مجتمعة كاملة ولكنه صلى الله عليه وسلم صرف تلك القوى وتلك الاستطاعة إلى ما هو أزكى بالنبوة وأشبه بمرتبة الرسالة وكان إذا احتاج إلى البلاغة كان أبلغ البلغاء وإذا احتاج إلى الخطابة كان أخطب الخطباء وأنسب من كل ناسب وأقوف من كل قائف ولو كان في ظاهره والمعروف من شأنه انه كاتب حاسب وشاعر ناسب ومتفرس قائف ثم أعطاه الله برهانات الرسالة وعلامات النبوة لما كان ذلك مانعا من وجوب تصديقه ولزوم طاعته والانقياد لأمره على سخطهم ورضاهم ومكروههم ومحبوبهم ولكنه أراد ان لا يكون للشاعر متعلق عما دعا إليه حتى لا يكون دون المعرفة بحقه حجاب وان رق وليكون ذلك أخف في المؤونة وأسهل في المحنة فلذلك صرف نفسه عن الأمور التي كانوا يتكلفونها ويتنافسون فيها فلما طال هجرانه لقريض الشعر وروايته صار لسانه لا ينطق به والعادة توأم الطبيعة فأما في غير ذلك فإنه إذا شاء كان أنطق من كل منطيق وأنسب من كل ناسب وأقوف من كل قائف وكانت آلته أوفر وأداته أكمل إلا أنها كانت مصروفة إلى ما هو أبعد وبين ان يضيف إليه العادة الحسنة وامتناع الشيء عليه من طول الهجران له فرق ومن العجب ان صاحب هذه المقالة لم يره عليه السلام في حال معجزة قط بل لم يره إلا وهو ان أطال الكلام قصر عنه كل مطيل وان قصر القول أتى على غاية كل خطيب وما عدم منه إلا الخط وإقامة الشعر فكيف ذهب ذلك المذهب والظاهر من أمره عليه السلام غير ما توهم وسنذكر بعض ما جاء في تفضيل الشعر والخوف منه ومن اللسان البليغ والمداراة له وما أشبه ذلك تفضيل الشعر ومداراة البليغ قال أبو عبيدة اجتمع ثلاثة من بني سعد يراجزون بني جعدة فقيل لشيخ من بني سعد ما عندك قال أرجز بهم يوما إلى الليل لا أفئج وقيل للآخر ما عندك قال أرجز بهم يوما إلى الليل لا أنكف فقيل للثالث ما عندك قال أرجز بهم يوما إلى الليل لا أنكش فلما سمعت بنو جعدة كلامهم انصرفوا وخلوهم

575

نام کتاب : البيان والتبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 575
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست