نام کتاب : البرصان والعرجان والعميان والحولان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 33
وأمّا الصّواب ففي الحال التي بين الحالتين . وقال اللَّه عز ذكره : * ( اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [1] ) * . وهذا البعض هو ذلك الكثير الذي ذكره ؛ لأنّ قليل الكثير ربّما كان كثيرا . وقيل لثقيف : بما بلغتم المبالغ [2] ؟ قالوا بسوء الظَّنّ . وإلى ذلك ذهب الشاعر [3] حيث يقول : < شعر > أسأت إذ أحسنت ظنّي بكم والحزم سوء الظنّ بالناس < / شعر > وذلك على قدر ما تصادف عليه الزّمان ، وتشاهد من حالات النّاس . وليس سوء الظَّنّ في الجملة بالمذموم ، ولا حسن الظَّنّ بالمحمود ، وإنّما المحمود من ذلك الصواب على قدر الأسباب القويّة والضعيفة ، والذي يتجلَّى للعيون من الأمور المقرّبة ، وعلى ما جرت عليه العادة والتّجربة . ولقد قال اللَّه تعالى : * ( ولَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّه [4] ) * . اعلم أنّه لم يرد تصويب ظنّ إبليس . وليس مذهب الكلام وصف
[1] الآية 12 من سورة الحجرات . [2] إثبات ألف " ما " الاستفهامية المسبوقة بجارّ لغة قليلة ، وبها قرأ عكرمة وعيسى : " عما يتساءلون " . وقال حسان : < شعر > على ما قام يشتمني لئيم كخنزير تمرّغ في رماد < / شعر > وانظر المغنى والخزانة 2 : 537 . [3] هو العباس بن الأحنف . ديوانه 158 ، وغرر الخصائص 87 ، والمضنون به على غير أهله 393 . [4] الآية 20 من سورة سبأ .
33
نام کتاب : البرصان والعرجان والعميان والحولان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 33