responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 6


خلائف فيها يخلف البعض منهم البعض ، إلى يوم الحساب والعرض على العليم الحكيم . وسخر لهم الأنهار من سائر الأقطار ، تشق الأقاليم إلى الأمصار ، ما بين صغار وكبار ، على مقدار الحاجات والأوطار ، وأنبع لهم العيون والآبار . وأرسل عليهم السحائب بالأمطار ، فأنبت لهم سائر صنوف الزرع والثمار . وآتاهم من كل ما سألوه بلسان حالهم وقالهم : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلوم كفار ) : فسبحان الكريم العظيم الحليم * وكان من أعظم نعمه عليهم . وإحسانه إليهم ، بعد أن خلقهم ورزقهم ويسر لهم السبيل وأنطقهم ، أن أرسل رسله إليهم ، وأنزل كتبه عليهم : مبينة حلاله وحرامه ، وأخباره وأحكامه ، وتفصيل كل شئ في المبدأ والمعاد إلى يوم القيامة .
فالسعيد من قابل الاخبار بالتصديق والتسليم ، والأوامر بالانقياد والنواهي بالتعظيم . ففاز بالنعيم المقيم ، وزحزح عن مقام المكذبين في الجحيم ذات الزقوم والحميم ، والعذاب الأليم * أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه يملا أرجاء السماوات والأرضين ، دائما أبد الآبدين ، ودهر الداهرين ، إلى يوم الدين ، في كل ساعة وآن ووقت وحين ، كما ينبغي لجلاله العظيم ، وسلطانه القديم ووجهه الكريم * وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولا ولد له ولا والد له ، ولا صاحبة له ، ولا نظير ولا وزير له ولا مشير له ، ولا عديد ولا نديد ولا قسيم .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، المصطفى من خلاصة العرب العرباء من الصميم ، خاتم الأنبياء ، وصاحب الحوض الأكبر الرواء ، صاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة ، وحامل اللواء الذي يبعثه الله المقام المحمود الذي يرغب إليه فيه الخلق كلهم حتى الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم وعلى سائر إخوانه من النبيين والمرسلين ، وسلم وشرف وكرم أزكى صلاة وتسليم ، وأعلى تشريف وتكريم . ورضي الله عن جميع أصحابه الغر الكرام ، السادة النجباء الاعلام ، خلاصة العالم بعد الأنبياء . ما اختلط الظلام بالضياء ، وأعلن الداعي بالنداء وما نسخ النهار ظلام الليل البهيم .
( أما بعد ) فهذا كتاب أذكر فيه بعون الله وحسن توفيقه ما يسره الله تعالى بحوله وقوته من ذكر مبدأ المخلوقات : من خلق العرش والكرسي والسماوات ، والأرضين وما فيهن وما بينهن من الملائكة والجان والشياطين ، وكيفية خلق آدم عليه السلام ، وقصص النبيين ، وما جرى مجرى ذلك إلى أيام بني إسرائيل وأيام الجاهلية حتى تنتهي النبوة إلى أيام نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه . فنذكر سيرته كما ينبغي فتشفي الصدور والغليل ، وتزيح الداء عن العليل .
ثم نذكر ما بعد ذلك إلى زماننا ، ونذكر الفتن والملاحم وأشراط الساعة . ثم البعث والنشور وأهوال القيامة ، ثم صفة ذلك وما في ذلك اليوم ، وما يقع فيه من الأمور الهائلة . ثم صفة النار ، ثم صفة الجنان وما فيها من الخيرات الحسان ، وغير ذلك وما يتعلق به ، وما ورد في

6

نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست