نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 295
وحضر فرعون وأمراؤه وأهل دولته وأهل بلده عن بكرة أبيهم . وذلك أن فرعون نادى فيهم أن يحضروا هذا الموقف العظيم فخرجوا وهم يقولون ( لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين ) [ الشعراء : 40 ] . وتقدم موسى عليه السلام إلى السحرة فوعظهم وزجرهم عن تعاطي السحر الباطل الذي فيه معارضة لآيات الله وحججه فقال ( ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى فتنازعوا أمرهم بينهم ) [ طه : 61 - 62 ] قيل معناه : أنهم اختلفوا [1] فيما بينهم ، فقائل يقول : هذا كلام نبي وليس بساحر ، وقائل منهم يقول : بل هو ساحر فالله أعلم * وأسروا التناجي بهذا وغيره ( قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ) [ طه : 63 ] يقولون إن هذا وأخاه هارون ساحران عليمان مطبقان متقنان لهذه الصناعة ومرادهم أن يجتمع الناس عليهما ويصولا على الملك وحاشيته ويستأصلاكم عن آخركم ويستأمرا عليكم بهذه الصناعة ( فأجمعوا كيدكم ثم اتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى ) * وإنما قالوا الكلام الأول ليتدبروا ويتواصوا ويأتوا بجميع ما عندهم من المكيدة والمكر والخديعة والسحر والبهتان . وهيهات كذبت والله الظنون وأخطأت الآراء . أنى يعارض البهتان . والسحر والهذيان . خوارق العادات التي أجراها الديان . على يدي عبده الكليم . ورسوله الكريم المؤيد بالبرهان الذي يبهر الابصار وتحار فيه العقول والأذهان وقولهم ( فأجمعوا كيدكم ) أي جميع [2] ما عندكم ( ثم اتوا صفا ) أي جملة واحدة ثم حضوا بعضهم بعضا على التقدم في هذا المقام لان فرعون كان قد وعدهم ومناهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ( قالوا يا موسى إما أن تلقى وإما أن نكون أول من ألقى قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة موسى . قلنا لا تخف إنك أنت الاعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ) [ طه 65 - 69 ] . لما اصطف السحرة ، ووقف موسى وهرون عليهما السلام تجاههم قالوا له : إما أن تلقي قبلنا [3] ، وإما أن نلقي قبلك ( قال بل ألقوا ) أنتم وكانوا قد عمدوا إلى حبال وعصي فأودعوها الزئبق وغيره من الآلات التي تضطرب بسببها تلك الحبال والعصي اضطرابا يخيل للرائي أنها تسعى باختيارها * وإنما تتحرك بسبب ذلك . فعند ذلك سحروا أعين الناس واسترهبوهم وألقوا حبالهم وعصيهم وهم يقولون ( بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ) [ الشعراء : 44 ] . قال الله تعالى ( فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم ) [ الأعراف : 116 ] . وقال تعالى ( فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى . فأوجس في نفسه خيفة موسى )
[1] في القرطبي : تشاوروا . [2] أي جميع ما عندكم من كيد وحيلة واعزموا وجدوا واحكموا أمركم . [3] في قولهم ( إما أن تلقي ) فيه أدب تجاه موسى وكان ذلك إشارة إلى - قرب إيمانهم - وأحد أسبابه .
295
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 295