responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 289


وطغى ونظر إلى موسى بعين الازدراء والتنقص قائلا له ( ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين ) [ الشعراء : 18 ] أي أما أنت الذي ربيناه في منزلنا وأحسنا إليه وأنعمنا عليه مدة من الدهر [1] وهذا يدل على أن فرعون الذي بعث إليه هو الذي فر منه خلافا لما عند أهل الكتاب من أن فرعون الذي فر منه مات في مدة مقامه بمدين وأن الذي بعث إليه فرعون آخر . وقوله ( وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين ) [ الشعراء ; 19 ] أي وقتلت الرجل القبطي وفررت منا وجحدت نعمتنا [2] ( قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ) [ الشعراء : 20 ] أي قبل أن يوحى إلي وينزل علي ( ففرت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين ) [ الشعراء : 21 ] ثم قال مجيبا لفرعون عما أمتن به من التربية والاحسان إليه ( وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ) [ الشعراء : 22 ] أي وهذه النعمة التي ذكرت من أنك أحسنت إلي وأنا رجل واحد من بني إسرائيل تقابل ما استخدمت هذا الشعب العظيم بكماله واستعبدتهم في أعمالك وخدمك وأشغالك ( قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين . قال لمن حوله ألا تستمعون . قال ربكم ورب آبائكم الأولين . قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون . قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ) [ الشعراء : 23 - 28 ] .
يذكر تعالى ما كان بين فرعون وموسى من المقاولة والمحاجة والمناظرة وما أقامه الكليم على فرعون اللئيم من الحجة العقيلة المعنوية ثم الحسية . وذلك أن فرعون قبحه الله أظهر جحد الصانع تبارك وتعالى . وزعم أنه الاله ( فحشر فنادى فقال أنا ربكم الاعلى ) [ النازعات : 23 - 24 ] ( وقال يا أيها الملا ما علمت لكم من إله غيري ) [ القصص : 38 ] .
وهو في هذه المقالة معاند يعلم أنه عبد مربوب وأن الله هو الخالق البارئ المصور الاله الحق كما قال تعالى ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كانت عاقبة المفسدين ) [ النمل : 14 ] ولهذا قال لموسى عليه السلام على سبيل الانكار لرسالته والاظهار أنه ماثم رب أرسله ( وما رب العالمين ) [ الشعراء : 23 ] لأنهما قالا له ( إنا رسول رب العالمين ) [ الشعراء : 16 ] فكأنه يقول لهما ومن رب العالمين الذي تزعمان أنه أرسلكما وابتعثكما فأجابه موسى قائلا ( رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ) [ الشعراء 24 ] يعني رب العالمين خالق هذه السماوات والأرض المشاهدة وما بينهما من المخلوقات المتعددة [3] من السحاب والرياح والمطر والنبات والحيوانات التي يعلم كل موقن أنها لم تحدث بأنفسها ولا بد لها من موجد



[1] كان بين خروج موسى حين قتل القبطي وبين رجوعه نبيا أحد عشر عاما غير أشهر القرطبي 13 / 95 .
[2] نعمتنا : أي نعمتي التي كانت لنا عليك من التربية والاحسان إليك .
[3] في النسخ المطبوعة " المتجددة " وما أثبتناه مناسب للمعنى .

289

نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست