نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 248
عن أمر ربه وربهم . وقد حسر لهم عن جبينه الشريف وما يحويه من الخال فيه الذي يعرفون ( هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون . قالوا ) وتعجبوا كل العجب وقد ترددوا إليه مرارا عديدة وهم لا يعرفون أنه هو ( أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي ) يعني أنا يوسف الذي صنعتم معه ما صنعتم وسلف من أمركم فيه ما فرطتم وقوله ( وهذا أخي ) تأكيد لما قال وتنبيه على ما كانوا أضمروا لهما من الحسد وعملوا في أمرهما من الاحتيال ولهذا قال ( قد من الله علينا ) أي بإحسانه إلينا وصدقته علينا وإيوائه لنا وشده معاقد عزنا وذلك بما أسلفنا من طاعة ربنا وصبرنا على ما كان منكم إلينا وطاعتنا وبرنا لأبينا ومحبته الشديدة لنا وشفقته علينا ( إنه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع أجر المحسنين . قالوا تالله لقد آثرك الله علينا ) أي فضلك وأعطاك ما لم يعطنا ( وإن كنا لخاطئين ) . أي فيما أسدينا إليك [1] وها نحن بين يديك ( قال لا تثريب عليكم اليوم ) أي لست أعاقبكم على ما كان منكم بعد يومكم هذا ثم ذادهم على ذلك فقال ( اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) . ومن زعم أن الوقف على قوله لا تثريب عليكم وابتدأ بقوله اليوم يغفر الله لكم فقوله ضعيف والصحيح الأول . ثم أمرهم بأن يذهبوا بقميصه وهو الذي يلي جسده فيضعوه على عيني أبيه فإنه يرجع إليه بصره بعدما كان ذهب بإذن الله وهذا من خوارق العادات ودلائل النبوات وأكبر المعجزات * ثم أمرهم أن يتحملوا بأهلهم أجمعين [2] إلى ديار مصر إلى الخير والدعة وجمع الشمل بعد الفرقة على أكمل الوجوه وأعلى الأمور . ( فلما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون . قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم . فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا . قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون . قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين . قال سوف استغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم ) [ يوسف : 94 - 98 ] . قال عبد الرزاق أنبأنا إسرائيل عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل سمعت ابن عباس يقول : فلما فصلت العير قال : لما خرجت العير هاجت ريح فجاءت يعقوب بريح قميص يوسف ( فقال إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ) قال فوجد ريحه من مسيرة ثمانية أيام [3] . وكذا رواه الثوري وشعبة وغيرهم عن أبي سنان [4] به . وقال الحسن البصري وابن جريج المكي كان بينهما
[1] قال أبو علي الجبائي : لم يعتذروا إليه من أقدامهم على إلقائه في الجب ، وإنما اعتذروا من حيث إنهم أخطأوا لأنهم لم يظهروا لأبيهم ما فعلوه . قال الرازي وهذا الكلام ضعيف تفسير الفخر الرازي 18 / 205 . [2] قال الكلبي : كان أهله نحوا من سبعين إنسانا ; وقال مسروق : ثلاثة وتسعون بين رجل وامرأة . تفسير الرازي 18 / 207 . وفي الطبري 1 / 187 : كان دخول يعقوب مصر في سبعين إنسانا من أهله . [3] في نسخة : ثلاثة أيام . [4] في نسخة : أبي سعد . وفي الطبري : ابن سنان .
248
نام کتاب : البداية والنهاية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 248