responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 78


في البدو ، وأسقط الدفّ المربّع من بين الدفاف ، وما كان النقاب إلا هدّاما ، حتى نشأت ، وما كان الاستقفاء إلا استلابا [1] حتى بلغت .
وأنت غلام ، لسانك فوق عقلك ، وذكاؤك فوق حزمك ، لم تعجمك الضرّاء ، ولم تزل في السرّاء والمال واسع ، وذرعك ضيّق . وليس شيء أخوف عليك عندي من حسن الظن بالناس ، فأتهم شمالك على يمينك ، وسمعك على بصرك ، وخف عباد اللَّه على حسب ما ترجو اللَّه .
فأول ما أوقع في روعي أن مالي محفوظ عليّ ، وأن النماء لازم لي ، وأن اللَّه سيحفظ عقبي من بعدي ، أني لما غلبتني يوما شهوتي ، وأخرجت يوما درهما لقضاء وطري [2] ، ووقعت عيني على سكَّته ، وعلى اسم اللَّه المكتوب عليه ، قلت في نفسي : إني إذا لمن الخاسرين الضالَّين ، لئن أنا خرجت من يدي ، ومن بيتي شيئا عليه : « لا إله إلا اللَّه » وأخذت بدله شيئا ليس عليه شيء . واللَّه إن المؤمن لينزع خاتمه للأمر يريده ، وعليه ، « حسبي اللَّه » أو : « توكلت على اللَّه » فيظن أنه قد خرج من كنف اللَّه ، جلّ ذكره ، حتى يردّ الخاتم في موضعه . وإنما هو خاتم واحد ، وأنا أريد أن أخرج في كل يوم درهما عليه الإسلام كما هو ؟ إن هذا لعظيم » .
ومات من ساعته ، وكفّنه إبنه ببعض خلقانه ، وغسله بماء البئر .
ودفنه من غير أن يضرح له ، أو يلحد له [3] ، ورجع .
فلما صار في المنزل نظر الى جرّة خضراء معلقة . قال : أيّ شيء في هذه الجرّة ؟ قالوا : ليس اليوم فيها شيء . قال : فأيّ شيء كان فيها قبل



[1] أي انه كان يضرب الرجل خلسة من قفاه .
[2] لقضاء وطري : لبلوغ حاجتي .
[3] من غير أن يضرح له أو يلحد : الضريح : الشق في وسط القبر : واللحد : شق الى جانبه . اي انه لم يكترث له .

78

نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست