responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 75


والمساكين ، وخدمت الخلفاء والمكدّين ، وخالطت النسّاك والفتّاك [1] وعمرت السجون كما عمرت مجالس الذكر ، وحلبت الدهر أشطره [2] وصادفت دهرا كثير الأعاجيب ، فلو لا أني دخلت من كل باب ، وجريت مع كل ريح ، وعرفت السراء والضرّاء [3] ، حتّى مثّلث لي التجارب عواقب الأمور ، وقرّبتني من غوامض التدبير ، لما أمكنني جمع ما أخلَّفه لك ، ولا حفظ ما حبسته عليك ، ولم أحمد نفسي على جمعه ، كما حمدتها على حفظه ، لأن بعض هذا المال لم أنله بالحزم والكيس [4] ، قد حفظته عليك من فتنة البناء ، ومن فتنة النساء ، ومن فتنة الثناء ، ومن فتنة الرياء [5] ، ومن أيدي الوكلاء ، فإنهم الداء العياء [6] .
ولست أوصيك بحفظه لفضل حبي لك ، ولكن بفضل بغضي للقاضي . إن اللَّه ، عزّ وجلّ ، لم يسلَّط القضاة على أموال الأولاد إلا عقوبة للأولاد ، لأن أباه ، إن كان غنيا قادرا ، أحبّ أن يريه غناه وقدرته ، وإن كان فقيرا عاجزا ، أحبّ أن يستريح من شينه ومن حمل مؤونته ، وإن كان خارجا من الحالين ، أحبّ أن يستريح من مداراته ، فلا هم شكروا من جمع لهم ، وكفاهم ، ووقاهم ، وغرسهم ، ولا هم صبروا على من أوجب اللَّه حقّه عليهم . والحقّ لا يوصف عاجله بالحلاوة ، كما لا يوصف عاجل الباطل بالمرارة . فإن كنت منهم ، فالقاضي لك ، وإن لم تكن منهم فاللَّه لك . فإن سلكت سبيلي صار مال غيرك وديعة عندك ، وصرت الحافظ على غيرك . وإن خالفت سبيلي صار



[1] الفتاك : الشجعان .
[2] أي انه تعامل مع الدهر فعرف خيره وشره .
[3] السراء والضراء : الخير والشر ، ما يسر وما يؤذي .
[4] الكيس : الكياسة ، أي اللطف والظرف .
[5] الرياء : الكذب والخداع .
[6] الداء العياء : المرض العضال .

75

نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست