نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 7
ولم يمض وقت طويل حتى إذا أحس باكتمال القوى ، قصد بغداد ، وأقام فيها . وهناك بزغ فجر الجاحظ ، وأخذ يتألَّق ، واضعا كتبه الأولى منسوبة إلى عبد اللَّه بن المقفّع ، وسهل بن هارون ، ليقرأها الناس وتشيع بينهم . فأصبح اسم الجاحظ يتردّد على كل شفة ولسان . وكثر الحاسدون ، فأرادوا تقليد أسلوب الجاحظ ، والإنتقاص منه ، إلَّا أنّهم لم يفوزوا . وقرأ له الخليفة المأمون بعض كتبه في الإمامة ، فأعجب بها ، وقدم إليه أبو عثمان كتاب « العباسيّة » فنال ثوابه . وما كان من الخليفة المأمون إلَّا أن أسند إليه ديوان الكتّاب ، الذي لم يطل الإقامة فيه ، وبعد ثلاثة أيام طلب الجاحظ من الخليفة إعفاءه من هذه المسؤولية التي تحتّم على صاحبها طبعا رصينا ، ومسلكية صارمة لا تتلاءم ومزاج الجاحظ وطبائعه . وتوطَّدت روابطه بكبار رجال عصره ، فاتصل الجاحظ بمحمد بن عبد الملك الزيّات وزير المعتصم ، وكتب له ومدحه ، وأهداه كتاب « الحيوان » فأجازه الوزير بخمسة آلاف دينار ، ثم أغدق عليه مالا كثيرا جعله يقوم برحلات عديدة إلى دمشق وأنطاكيا ومصر . . . ولما صارت الخلافة الى المتوكل ، نكب الوزير ابن الزيات بيد القاضي محمد بن أبي دؤاد ، فهرب الجاحظ ، ثم أعيد الى القاضي مقّيدا ، مغلول العنق ، معتذرا عن فراره ، وقد أبدى إبن أبي دؤاد إعجابه به ، فقال « أنا أثق بظرفه ، ولا أثق بدينه » . وقدم إليه الجاحظ كتابه « البيان والتبيين » ، بعد أن انقطع إليه عاما كاملا . وتدرّجت إتصالاته حتى بلغت الفتح بن خاقان ، فقدم له بعض كتبه . وجعله المتوكل مؤدبا لأولاده . ولما رأى بشاعته صرفه . وقد حدّث الجاحظ في ذلك عن نفسه ، فقال : « ذكرت للمتوكل لتأديب بعض ولده ، فلما رآني استبشع منظري ، فأمر لي بعشرة آلاف درهم وصرفني » . واتصل أبو عثمان أيضا بإبراهيم بن العبّاس الصولي ، وقد أهدى
7
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 7