نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 28
العذر المبسوط [1] عرفتم ، ولا بواجب الحرمة قمتم . ولو كان ذكر العيوب برّا وفضلا ، لرأينا أن في أنفسنا عن ذلك شغلا . وإنّ من أعظم الشّقوة ، وأبعد من السعادة ، ألَّا يزال يتذكر زلل [2] المعلمين ، ويتناسى سوء استماع المتعلمين ، ويستعظم غاط العاذلين [3] ولا يحفل بعمد [4] المعذولين . عبتموني بقولي لخادمي : أجيدي عجنه خميرا كما أجدته فطيرا ، ليكون أطيب لطعمه ؛ وأزيد في ريعه . وقد قال عمر بن الخطَّاب ، رضي اللَّه عنه ورحمه ، لأهله : املكوا العجين ، فإنه أريع الطحينين . وعبتم عليّ قولي : من لم يعرف مواقع السرف [5] في الموجود الرخيص ، لم يعرف مواقع الإقتصاد في الممتنع الغالي . فلقد أتيت من ماء الوضوء بكيلة يدلّ حجمها على مبلغ الكفاية وأشفّ من الكفاية ، فلما صرت الى تفريق أجزائه على الأعضاء ، والى التوفير عليها من وظيفة الماء ، وجدت في الأعضاء فضلا على الماء ، فعلمت أن لو كنت مكَّنت الإقتصاد في أوائله ، ورغبت عن التهاون به في إبتدائه ، لخرج آخره على كفاية أوّله ، ولكان نصيب العضو الأول كنصيب الآخر ؛ فعبتموني بذلك ، وشنّعتموه بجهدكم وقبّحتموه . وقد قال الحسن [6] عند ذكر السّرف : إنه ليكون في الماعونين [7] : الماء والكلأ ، فلم يرض بذكر الماء ،
[1] العذر المبسوط : العذر الظاهر . [2] زلل : خطأ . [3] العاذلين : اللائمين . [4] عمد المعذولين : ما ينتج عنهم من أعمال وخطايا مقصودة . [5] السرف : التبذير . [6] الحسن : احد الأئمة في صدر الاسلام ، وهو الحسن البصري . [7] الماعونين : مفردها ماعون ، وهو القدر او سواه ، مما يستعمله بعض الناس للإنتفاع به .
28
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 28