نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 228
طاعة . وإذا لم تكن العطية من اللَّه ولا للَّه ، فليس يجوز هذا فيما سموه جودا ، فما ظنك بما سمّوه سرفا ؟ . أفهم ما أنا مورده عليك وواصفه لك : إن التربّح [1] ، والتكسّب ، والاستئكال [2] بالخديعة ، والطعم الخبيثة ، فاشية غالبة ، ومستفيضة ظاهرة . على أن كثيرا مّمن يضاف اليوم إلى النزاهة والتكرّم ، والى الصيانة والتوقي ، لبأخذ من ذلك بنصيب وافر ، وبمدّ واف . فما ظنّك بدهماء [3] الناس وجمهورهم ؟ بل ما ظنّك بالشعراء والخطباء الذين إنّما تعلَّموا المنطق لصناعة التكسّب ؟ وهؤلاء قوم بودّهم أن أرباب الأموال قد جاوزوا حدّ السلامة الى الغفلة ، حتى لا يكون للأموال حارس ولا دونها مانع . فاحذرهم ، ولا تنظر إلى بزّة [4] أحدهم ، فإن المسكين أقنع منه ، ولا تنظر إلى مركبه فإن السائل أعفّ منه [5] . وأعلم أنه في مسك مسكين ، إن كان في ثياب جياد ، وروحه روح نذل ، وإن كان في جرم ملك [6] وكلهم وإن اختلفت وجوه مسألتهم واختلفت أقدار مطالبهم ، فهو مسكين . إلا أن واحدا يطلب العلق [7] ، وآخر يطلب الخرق [8] ، وآخر يطلب الدوانيق [9] ، وآخر يطلب الألوف . فجهة هذا هي جهة هذا ، وطعمة هذا هي طعمة هذا . وإنما يختلفون في أقدار ما يطلبون ، على قدر الحذق والسبب . فاحذر رقاهم [10] ، وما نصبوا لك من الشرك ، واحرس
[1] تربّح : طلب الارباح . [2] الاستئكال : استأكل : أخذ اموال الضعفاء كالنساء واليتامى وغيرهم . [3] المدّ : مكيال زنته رطل وثلث . والكلام هنا مجازي . ودهماء الناس . جماعتهم . [4] البزّة : الرداء والمراد هنا الهيئة . [5] اعفّ : اشد عفة ، اي انه كريم النفس . [6] مسك : جلد . جرم ملك : جسده . [7] النفيس من كل شيء . [8] جمع خرقة : القطعة من الثوب اي ما يستتر به . [9] الدوانيق : جمع دانق ، وهو سدس درهم . [10] رقاهم : الرقى جمع رقية ، وهي كلمات مأثورة تقرأ للمحموم سبق شرحها ؛ اي ان لهم كلاما وسحرا .
228
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 228