نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 195
وأنا أخاف أن تكون عينك مالحة . وعين مثلك سريعة ، فاصرف عني وجهك « قال : فوثبت عليه ، فقبضت على لحيته اليسرى ، ثوم تناولت الدجاجة بيدي اليمنى ، فما زلت أضرب بها رأسه حتى تقطعت في يدي . ثم تحوّل إلى مكاني ، فمسح وجهه ولحيته ، ثم أقبل عليّ فقال : « قد أخبرتك أن عينك مالحة [1] ، وأنك ستصيبني بعين » . قلت : « وما شبه هذا من العين » ؟ قال : « إنما العين مكروه يحدث . فقد أنزلت بنا عينك أعظم المكروه » . فضحكت ضحكا ما ضحكت مثله ، وتكالمنا حتى كأنه لم يقل قبيحا ، وحتى كأني لم أفرط عليه [2] . هذه ملتقطات أحاديث أصحابنا وأحاديثنا وما رأينا بعيوننا . فأما أحاديث الأصمعي ، وأبي عبيدة وأبي الحسن فإني لم أجد فيها ما يصلح لهذا الموضع إلا ما قد كتبته في هذا الكتاب ، وهي بضعة عشر حديثا : قالوا : كان للمغيرة بن عبد اللَّه بن أبي عقيل الثقفي [3] ، وهو على الكوفة ، جدي يوضع على مائدته بعد الطعام . ولم يكن أحد يمسّه ، إذ كان هو لا يمسّه . فأقدم عليه إعرابي يوما ، ولم يعرف سيرة أصحابنا فيه ، فلم يرض بأكل لحمه ، حتّى تعرّق عظمه . فقال له المغيرة : « يا هذا ، تطالب عظام هذا الجدي بذحل [4] ؟ هل نطحتك أمّة » ؟ وكان الأصمعي يقول : إنما قال : « يا هذا تطالب عظام هذا البائس بذحل ؟ هل نطحتك أمه » ؟
[1] عينك مالحة : اي انها شريرة ، حاسدة . [2] لم أفرط عليه : لم أعجل بعقوبته . [3] كان على الكوفة ايام الحجاج بن يوسف . [4] ذحل : ثأر ، انتقام .
195
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 195