responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 165


محفوظ النقّاش صحبني محفوظ النقّاش من مسجد الجامع ليلا . فلما صرت قرب منزله ، وكان منزله أقرب إلى مسجد الجامع من منزلي ، سألني أن أبيت عنده ، وقال : « أين تذهب في هذا المطر والبرد ، ومنزلي منزلك ، وأنت في ظلمة وليس معك نار ، وعندي لبأ [1] ، لم ير الناس مثله ، وتمر ناهيك به جودة ، لا تصلح إلا له » . فملت معه . فأبطأ ساعة ثم جاءني بجأم لبأ وطبق تمر ، فلما مددت قال : « يا أبا عثمان إنه لبأ وغلظه ، وهو الليل وركوده ، ثم ليلة مطر ورطوبة وأنت رجل قد طعنت في السن ، ولم تزل تشكو من الفالج طرفا ، وما زال الغليل [2] يسرع إليك ، وأنت في الأصل لست بصاحب عشاء . فإن أكلت اللبأ ولم تبالغ ، كنت لا آكلا ولا تاركا ، وحرشت طباعك [3] ، ثمن قطعت الأكل أشهى ما كان إليك .
وإن بالغت بتنا في ليلة سوء ، من الإهتمام بأمرك . ولم نعدّ لك نبيذا ولا عسلا . وإنما قلت هذا الكلام ، لئلا تقول غدا : كان وكان . واللَّه قد وقعت بين نابي أسد . لأني لو لم أجئك به ، وقد ذكرته لك ، قلت :
« بخل به وبدا له فيه » ؛ وإن جئت به ، ولم أحذرك منه ، ولم أذكرك كل ما عليك فيه ، قلت : « لم يشفق عليّ ولم ينصح » . فقد برئت إليك من الأمرين جميعا فإن شئت فأكلة وموتة ، وإن شئت فبعض الاحتمال ، ونوم على سلامة » .
فما ضحكت قط كضحكي تلك الليلة . ولقد أكلته جميعا فما هضمه الا الضحك والنشاط والسرور ، فيما أظن . ولو كان معي من يفهم طيب ما تكلم لأتي عليّ الضحك ، أو لقضي عليّ ولكن ضحك من كان وحده



[1] لبأ : ما يستخرج من اللبن او الحليب عند ولادة الشاة . مرّ ذكرها .
[2] الغليل : العطش .
[3] حرشت طباعك : اثيرث رغبة الأكل من جديد .

165

نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست