نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 149
درّ الحارث إبن كلدة [1] حين زعم أن الدواء هو الأزم [2] ، وأن الداء هو إدخال الطعام في إثر الطعام . أي بنيّ ! لم صفت أذهان العرب ، ولم صدقت إحساس الأعراب ، ولم صحّت أبدان الرهبان ، مع طول الإقامة في الصوامع ، وحتى لم تعرف النقّرس [3] ولا وجع المفاصل ولا الأورام ، إلا لقلة الرزء [4] من الطعام ، وخفة الزاد والتّبلغ باليسير ؟ أي بنيّ ! إن نسيم الدنيا وروح الحياة ، أفضل من أن تبيت كظيظا وأن تكون بقصر العمر خليقا . وكيف لا ترغب في تدبير يجمع لك صحة البدن ، وذكاء الذهن ، وصلاح المعاد ، وكثرة المال ، والقرب من عيش الملائكة . أي بنيّ ! لم صار الضب [5] أطول شيء عمرا ، إلا لأنه إنما يعيش بالنسيم ؟ ولم زعم الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن الصوم وجاء [6] ، إلا ليجعل الجوع حجازا دون الشهوات ؟ افهم تأديب اللَّه فإنه لم يقصد به إلا الى مثلك . أي بنيّ ! قد بلغت تسعين عاما ما نغض لي سنّ ، ولا تحرّك لي عظم ، ولا انتشر لي عصب ، ولا عرفت دنين أذن ولا سيلان عين ، ولا سلس بول ، ما لذلك علَّة إلا التخفيف من الزاد . فإن كنت تحب
[1] الحارث بن كلدة هو الحارث بن كلدة الثقفي طبيب العرب في عصره ، وأحد الحكماء المشهورين من أهل الطائف . مولده قبل الاسلام . [2] الأزم : الامساك عند الطعام والشراب . [3] النقرس : اورام تحصل في مفاصل الاقدام . [4] الرزء : صوت البطن . اصاب منه شيئا . [5] الضب : حيوان من الزحافات . [6] وجاء : مانع الشهوات .
149
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 149