والرهبة ، فلما فرغ من الكتب عرضها على الفضل ، فكأنّما شق عن قلبه . فقال الفضل : يا غلام بدرة ، بدرة ، بدرة . فقال الفتى للغلام اعز اللَّه الأمير دنانير أو دراهم ؟ قال دنانير يا غلام . فلما وضعت البدرة بين يديه قال الفضل : احملها بارك اللَّه لك فيها . قال الفتى : واللَّه يا أيها الأمير ما أنا بحمال وما للحمل خلقت ؛ فان رأي الأمير أن يأمر بعض غلمانه بحملها على أن الغلام لي . فأشار الفضل إلى بعض الغلمان فأشار الفتي اليه مكانك ، فقال : ان رأي الأمير أيده اللَّه أن يجعل الخيار الي في الغلمان كما فعل بين البدرتين فعل ، فقال : اختر . فاختار أجملهم غلاما فقال احمل ، فلما صارت البدرة على منكب الغلام بكى الفتى فاستفظع الفضل ذلك وقال : ويلك ! استقلالا ؟ قال : لا واللَّه أيدك اللَّه ، ولقد أكثرت ، ولكن أسفا أن الأرض تواري مثلك ! قال الفضل : هذا أجود من الأول ، يا غلام زده كسوة وحملانا . قال العتابى : فلقد كنت أرى ركاب الفتى تحت ركاب الفضل [1] وشكا مروان بن ابى حفصة الى بعض إخوانه تغيّر الرشيد عليه وامساك يده عنه ، فقال له : ويحك أتشكو الرشيد بعد ما أعطاك ؟ قال : أو تعجب من ذلك ! هذا أبان اللاحقي قد أخذ من البرامكة بقصيدة قالها واحدة مثل ما أخذته من الرشيد فى دهري كله ، سوي ما أخذه منهم ومن أشباههم بعدها [2] صداقته للمعذل بن غيلان وتهاجيهما أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي قال : حدّثنا ابو قلابة عبد الملك بن
[1] تاريخ بغداد ج 12 ص 33 وما بعدها [2] الاغانى ج 20 ص 73