فعجب المأمون من حسن انتزاعه ، وحضور مراده فى وقته ، وقال : صدقت يا أحمد ، وأمر باخراجهم قال أبو بكر : تحدث أحمد بن طيفور أن المأمون قال لأحمد بن يوسف : إنى أريد غسان بن عباد لأمر جليل ، وكان يريده لولاية السند . لأنه أراد أن يعزل عنها بشر بن داود المهلبي لأشياء عظيمة عتب عليه فيها ، وكان المأمون يعلم سوء رأى أحمد في غسان بن عباد ، فقال أحمد : غسان رجل محاسنه أكثر من مساويه ، لا تضرب به طبقة إلا انتصف منها مهما خيف عليه [1] فانه لا يأتى أمرا يعتذر منه ، لأنه قسم زمانه [2] بين أيام الفضل فجعل لكل مكرمة وقتا [3] فقال له المأمون : لقد مدحته علي سوء رأيك فيه ، فقال : إنى لأمير المؤمنين كما قال الشاعر : < شعر > كفى ثمنا لما أسديت انى صدقتك في الصديق وفى عداتى [4] < / شعر > فأعجب المأمون كلامه . [ واسترجح عقله ] [5]
[1] رواية الطبرى : لا تصرف به الى طبقة الا انتصف منهم فمهما تخوفت عليه ، فانه لن يأتى أمرا يعتذر منه اذا نظرت في أمره لم تدر أي حالاته أعجب : اما هداه اليه عقله أم ما اكتسبه بالأدب [2] رواية الطبرى ايامه [3] رواية الطبرى لكل نوبة [4] رواية الطبرى : < شعر > كفى شكرا بما أسديت أنى مدحتك فى الصديق وفي عداتى < / شعر > ورواه الفخري مع زيادة بيت آخر : < شعر > كفى ثمنا بما أسديت انى صدقت فى الصديق وفى عدائى وأنى حين تندبنى لأمر يكون هواك أغلب من هوائى < / شعر > [5] الزيادة عن الطبرى ويحسن أن نورد هذا الخبر عن كتاب بغداد لطيفور : قال احمد بن أبى طاهر قال المأمون يوما لاصحابه : اخبرونى عن غسان بن عباد فانى أريده لأمر جسيم وكان قد عزم أن يوليه السند لأن بشر بن داود قد خالف واستبد بالفىء والخراج فتكلم القوم واطنبوا فى مدحه ، فنظر المأمون الى أحمد بن يوسف وهو ساكت فقال له : ما تقول يا أحمد قال يا أمير المؤمنين ذاك رجل ، الخ وكذلك زاد البيت الثانى