والله واسع الرحل كريم المحل فأصبحت وقد عزمت على الرجوع إلى العراق فأتيت أبا مثواي فقلت إني قد هلعت من الغربة واشتقت أهلي ولم أفد في قدمتي هذه إليكم كبير علم وإنما كنت أغتفر وحشة الغربة وجفاء البادية للفائدة فأظهر توجعا ثم أبر زغداء له فتغديت معه وأمر بناقة له مهرية كأنها سبيكة لجبن فارتحلها واكتفلها ثم ركب وأردفني وأقبلها مطلع الشمس فما سرنا كبير مسير حتى لقينا شيخ على حمار له جمة قد ثمغها كالورس فكأنها قنبيطة وهو يترنم فسلم عليه صاحبي وسأله عن نسبه فاعتزى أسديا من بني ثعلبة فقال أتنشد أم تقول فقال كلا فقال أين تؤم فأشار إلى ماء قريب من الموضع الذي نحن فيه فأناخ الشيخ وقال لي خذ بيد عمك فأنزله عن حماره ففعلت فألقى له كيسا قد كان اكتفل به ثم قال أنشدنا رحمك الله وتصدق على هذا الغريب بأبيات يعيهن عنك ويذكرك بهن فقال إي ها الله إذا ثم أنشدني لقد طال يا سوداء منك المواعد * ودون الجد المأمول منك الفراقد إذا أنت أعطيت الغنى ثم لم تجد * بفضل الغنى ألفيت مالك حامد تمنيننا غدا وغيمكم غدا * ضباب فلا صحو ولا الغيم جائد وقل غناء عنك مال جمعته * إذا صار ميراثا وواراك لأحد إذا أنت لم تعرك بجنبك بعض ما * يريب من الأدنى رماك الأباعد إذا الحلم لم يغلب لك الجهل لم تزل * عليك بروق جمة ورواعد إذا العزم لم يفرج لك الشك لم تزل * جنيبا كما استتلى الجنيبة قائد إذا أنت لم تترك طعاما تحبه * ولا مقعدا تدعى إليه الولائد تجللت عارا لا يزال يشبه * سباب الرجال نقرهم والقصائد وأنشدني أيضا تعزفان الصبر بالحر أجمل * وليس على ريب الزمان معول فلو كان يغني أن يرى المرء جازعا * لنازلة أو كان يغني التذلل