< شعر > رأت رجلا أمّا إذا الشمس عارضت فيضحى وأمّا بالعشيّ فيخصر / أخا سفر جوّاب أرض تقاذفت به فلوات فهو أشعث أغبر وليلة ذي دوران [1] جشّمتني السّرى [2] وقد يجشم الهول المحبّ المغرّر فقلت : أباديهم [3] فإمّا أفوتهم وإمّا ينال السيف ثأرا فيثأر < / شعر > هذه الأبيات جمعت على غير توال ؛ لأنه إنما ذكر منها ما فيه صنعة . غنّى في الأوّل والثاني من الأبيات ابن سريج خفيف رمل بالبنصر عن أحمد بن المكيّ وذكر حبش أن فيهما لمعبد لحنا من الثّقيل الأوّل بالبنصر . وغنّى ابن سريج في الثالث والرابع أيضا خفيف ثقيل بالوسطى ، وذكر حبش أن فيهما لحنا من الهزج بالوسطى لحكم [4] . وغنّى ابن سريج في الخامس والسادس لحنا من الرّمل بالوسطى عن عمرو بن بانه . وذكر يونس أن في السّابع والثامن لابن سريج لحنا ولم يذكر طريقته ، وذكر حبش أن فيهما لمالك لحنا من الثقيل الثاني بالبنصر . / أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان [5] قال أخبرني محمد بن إسحاق قال أخبرني محمد بن حبيب [6] عن هشام بن الكلبيّ : أنّ عمر بن أبي ربيعة أتى عبد اللَّه بن عباس وهو في المسجد الحرام فقال : متّعني اللَّه بك ! إنّ نفسي قد تاقت إلى قول الشّعر ونازعتني إليه ، وقد قلت منه شيئا أحببت أن تسمعه وتستره عليّ . فقال : أنشدني ، فأنشده : < شعر > أمن آل نعم أنت غاد فمبكر < / شعر > فقال له : أنت شاعر يابن أخي ، فقل ما شئت . قال : وأنشد عمر هذه القصيدة طلحة بن عبد اللَّه بن عوف الزّهريّ وهو راكب ، فوقف وما زال شانقا [7] ناقته حتى كتبت له . أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدّثني الحسين بن إسماعيل قال حدّثنا ابن عائشة عن أبيه قال :
[1] ذو دوزان ( بفتح أوّله وبعد الواو راء مهملة وآخره نون ) : موضع بين قديد والجحفة ( ياقوت ) . [2] أي كلَّفتني السير ليلا . [3] أجاهرهم وأظهر لهم ومرجع الضمير فيه ظاهر في قوله من القصيدة : < شعر > فلما تقضي الليل إلا أقله وكادت توالي نجمه تتغوّر أشارت بأن الحيّ قد حان منهم هبوب ولكن موعد منك عزور فما راعني إلا مناد : ترحّلوا وقد لاح معروف من الصبح أشقر فلما رأت من قد تنبه منهم وأيقاظهم قالت : أشر كيف تأمر < / شعر > [4] في ب ، س : « عن الحكم » . [5] المرزبان ، بفتح الميم وسكون الراء وضم الزاي وفتح الباء الموحدة وبعد الألف نون ، وهو يطلق في اللغة الفارسية على الرجل العظيم القدر ، ومعناه بالعربية حافظ الحدّ ، قاله ابن الجواليقيّ في كتابه « المعرّب » . ( انظر ابن خلكان ج 1 ص 725 ) . [6] كذا في ت . وفي سائر النسخ : « محمد بن أبي حبيب » وهو تحريف ؛ إذ هو محمد بن حبيب أبو جعفر . قال ياقوت : من علماء بغداد باللغة والشعر والأخبار والأنساب وكان ثقة مؤدّبا ، ولا يعرف أبوه ، وإنما نسب إلى أمّه . قال السيد مرتضى : « ومحمد بن حبيب نسّابة ، وحبيب هذه أمّه أو جدّته » . وكتبه صحيحة ، وله مصنفات في الأخبار ، منها كتاب « المحبّر » و « الموشّى » وغيرهما . مات بسامرّا في ذي الحجة سنة 245 في أيام المتوكل ( راجع ترجمته في « معجم الأدباء » لياقوت « وبغية الوعاة » للسيوطيّ ) . [7] يقال : شنق البعير ( من بابي ضرب ونصر ) إذا جذبه بالشّناق حتى يرفع رأسه . والشناق كالزمام وزنا ومعنى .