خفيف يشتهي الغناء ويطرب عليه ، ليس عليكم منه عناء [1] ولا مكروه . فرحّبوا بي وكلَّمتهم ، ثم انبسطوا / وشربوا وغنّوا ، فجعلت أعجب بغنائهم وأظهر ذلك لهم ويعجبهم مني ، حتى أقمنا أيّاما ، وأخذت من غنائهم وهم لا يدرون أصواتا وأصواتا وأصواتا . ثم قلت لابن سريج : أي [2] فديتك ! أمسك عليّ صوتك : < شعر > قل لهند وتربها [3] قبل شحط [4] النّوى غدا < / شعر > قال : أو تحسن شيئا ؟ قلت : تنظَّر [5] ، وعسى أن أصنع شيئا ، واندفعت فيه فغنّيته ، فصاح وصاحوا وقالوا : أحسنت قاتلك اللَّه ! قلت : فأمسك [6] عليّ صوت كذا فأمسكوه عليّ ، فغنّيته ، فآزدادوا عجبا وصياحا . فما تركت واحدا منهم إلا غنّيته من غنائه أصواتا قد تخيّرتها . قال : فصاحوا حتى علت أصواتهم وهرفوا [7] بي وقالوا : / لأنت أحسن بأداء غنائنا عنّا منّا . قال : قلت : فأمسكوا عليّ [ ولا تضحكوا [8] بي حتى تسمعوا من غنائي [9] ] ، فأمسكوا عليّ ؛ فغنّيت صوتا من غنائي فصاحوا بي ، ثم غنّيتهم آخر وآخر فوثبوا إليّ وقالوا : نحلف باللَّه إنّ لك لصيتا واسما وذكرا ، وإنّ لك فيما ها هنا لسهما عظيما ، فمن أنت ؟ قلت : أنا معبد . فقبّلوا رأسي وقالوا : لفّقت [10] علينا وكنّا نتهاون بك ولا نعدّك شيئا وأنت أنت . فأقمت عندهم شهرا آخذ منهم ويأخذون منّي ، ثم انصرفت إلى المدينة . نسبة هذا الصوت صوت < شعر > قل لهند وتربها قبل شحط النّوى غدا إن تجوي فطالما بتّ ليلي مسهّدا أنت في ودّ بيننا خير ما عندنا يدا حين تدلي مضفّرا حالك اللَّون أسودا < / شعر > الشعر لعمر بن أبي ربيعة ، والغناء لابن سريج عن حمّاد ولم يجنّسه . وفيه لمالك خفيف ثقيل أوّل بالبنصر في مجراها عن إسحاق . وقال الهشاميّ : فيه لابن محرز خفيف ثقيل بالوسطى .
[1] في ت : « غبن » وفي بعض النسخ « عين أو غين » وهما مصحفان عنها . [2] كذا في ت ، ح ، ر يريد : يا مولاي ، أو يا سيدي ، فأي للنداء ، والمنادى محذوف وفي سائر الأصول : « إني فديتك » . [3] التّرب : الَّلدة وهو من يماثلك في سنّك ، وأكثر ما يستعمل التّرب في الإناث . [4] الشّحط : البعد . [5] تنظَّر : تأنّ وتريّث . [6] في ح ، ر : « وأمسك » . [7] هرف بفلان ( من باب ضرب ) هنا : مدحه حتى جاوز القدر في الثناء والإطراء . [8] يقال : ضحك به ومنه بمعنى . [9] هذه الجملة ساقطة من ت ، ح ، ر . [10] أي سترت علينا أمرك حتى لم نعرفك .