الأحوص فقبلها ، وأمّا كثيّر فلم يقبلها ، وقال : لعن اللَّه صاحبتك وجائزتها ولعنك معها ! فأخذتها وانصرفت . فسألت النّصيب : ممن المرأة ؟ فقال : من بني أميّة ولا أذكر اسمها ما حييت لأحد . رثاء نصيب عبد العزيز بن مروان وقد مات بسكر من قرى الصعيد أخبرني عيسى بن يحيى الورّاق عن أحمد بن الحارث الخرّاز قال حدّثنا المدائنيّ قال : وقع الطَّاعون بمصر في ولاية عبد العزيز بن مروان إيّاها ، فخرج هاربا منه فنزل بقرية من الصعيد يقال لها « سكر » [1] . فقدم عليه حين نزلها رسول لعبد الملك ، فقال له عبد العزيز : ما اسمك ؟ فقال : طالب بن مدرك . فقال : أوّه ، ما أراني راجعا إلى الفسطاط أبدا ! ومات في تلك القرية . فقال نصيب يرثيه : < شعر > أصبت يوم الصعيد من سكر مصيبة ليس لي بها قبل تاللَّه أنسى [2] مصيبتي أبدا ما أسمعتني حنينها الإبل / ولا التّبكَّي عليه أعوله [3] كلّ المصيبات بعده جلل لم يعلم النّعش ما عليه من ال عرف ولا الحاملون ما حملوا حتى أجنّوه في ضريحهم حين انتهى من خليلك [4] الأمل < / شعر > غنّى في هذه الأبيات ابن سريج ، ولحنه رمل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق ، وذكر الهشاميّ أنّ له فيه لحنا من الهزج ، وذكر ابن بانة أن الرّمل لابن الهربذ [5] . أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن مصعب الزّبيري عن مشيخة من أهل الحجاز : أنّ نصيبا دخل على عبد الملك بن مروان ، فقال له : أنشدني بعض ما رثيت به أخي ؛ فأنشده قوله : < شعر > عرفت وجرّبت الأمور فما أرى كماض تلاه الغابر [6] المتأخّر ولكنّ أهل الفضل من أهل نعمتي يمرّون أسلافا أمامي وأغبر فإن أبكه [7] أعذر وإن أغلب الأسى بصبر فمثلي عند ما اشتدّ يصبر < / شعر >
[1] سكر بوزن زفر : موضع بشرقية الصعيد بينه وبين مصر يومان كان عبد العزيز بن مروان يخرج إليه كثيرا . [2] يريد : تاللَّه لا أنسى مصيبتي أبدا . وحذف لا يطرد في جواب القسم إذا كان المنفيّ مضارعا ، نحو قوله تعالى : * ( ( تَا للهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ ) ) * وقول الشاعر : < شعر > فقلت يمين اللَّه أبرح قاعدا < / شعر > [3] أعول إعوالا : رفع صوتع بالبكاء والصياح . [4] في ياقوت ( مادة سكر ) : « من خليله » . [5] كذا في أكثر النسخ . وفي ب ، س : « لابن الهزبر » وهو تحريف ، إذ المغني هو إسماعيل بن الهزبذ مولى آل الزبير بن العوّام . وستأتي له ترجمة مستقلة في الجزء السادس من « الأغاني » . [6] الغابر هنا : الباقي ، ويستعمل أيضا في الماضي . [7] كذا في ب ، س . وفي سائر الأصول : « أبكهم » .