قال إسحاق : وكان الحسن بن عتبة اللَّهبيّ يروي مثل ذلك فيه . وذكر أنّ قبره بنخلة [1] قريبا من بستان ابن عامر [2] . / قال إسحاق وحدّثني الهيثم بن عديّ عن صالح بن حسّان قال : كان عبيد بن سريج من أهل مكة وكان أحسن الناس غناء . قال إسحاق قال عمارة بن أبي طرفة الهذليّ : سمعت ابن جريج يقول : عبيد بن سريج من أهل مكة مولى آل خالد بن أسيد . قال إسحاق وحدّثني إبراهيم بن زياد عن أيّوب بن سلمة المخزوميّ قال : كان في عين ابن سريج قبل حلو لا يبلغ أن يكون حولا ، وغنّى في خلافة عثمان رضي اللَّه عنه ، ومات بعد قتل الوليد بن يزيد ، وكان له صلع في جبهته ، وكان يلبس جمّة مركَّبة فيكون فيها أحسن شيء ، وكان يلقّب « وجه الباب » ولا يغضب من ذلك ، وكان أبوه تركيّا . وقال أبو أيّوب المدينيّ : كان ابن سريج ، فيما روينا عن جماعة من المكَّيّين ، مولى بني جندع بن ليث بن بكر ، وكان إذا غنّى سدل قناعه على وجهه حتى لا يرى حوله [3] ، وكان / يوقع بقضيب وقيل : إنه كان يضرب بالعود ، وكانت علَّته التي مات منها الجذام . ابن سريج أوّل من ضرب بالعود الفارسي على الغناء العربي قال إسحاق وحدّثني أبي [4] قال : أخبرني من رأى عود ابن سريج وكان على صنعة عيدان الفرس ، وكان ابن سريج أوّل من ضرب به على الغناء العربيّ بمكة . وذلك أنه رآه مع العجم الذين قدم بهم ابن الزّبير لبناء الكعبة ، فأعجب أهل مكة غناؤهم . فقال ابن سريج : أنا أضرب به على غنائي ، فضرب به فكان أحذق الناس . أمّ ابن سريج قال إسحاق وذكر الزّبيريّ : أنّ أمّ ابن سريج مولاة لآل المطلَّب يقال لها « رائقة » ، وقيل : بل أمّه هند أخت رائقة ، فمن ثمّ قيل : إنه مولى بني المطلَّب بن / حنطب . وكان ابن سريج بعد وفاة عبد اللَّه بن جعفر قد انقطع إلى الحكم بن المطَّلب بن عبد اللَّه بن المطلَّب بن حنطب أحد بني مخزوم ، وكان من سادة قريش ووجوهها . وأخذ ابن سريج الغناء عن ابن مسجح . الأشخاص المعدودون أصولا للغناء العربيّ قال إسحاق : وأصل الغناء أربعة نفر : مكَّيّان ومدنيّان ، فالمكَّيان : ابن سريج وابن محرز ، والمدنيان : معبد ومالك . أوّل شهرة ابن سريج بالغناء قال إسحاق : وقال سلمة بن نوفل بن عمارة : أخبرني بذلك من شئت من مشيختنا : أنّ يوما شهر فيه ابن
[1] المراد بها نخلة اليمانية ، وهي واد يصبّ فيه يدعان وبه مسجد لرسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وبه عسكرت هوازن يوم حنين . [2] بستان ابن عامر ، هو مجتمع النخلتين ، وكذلك يسميه العامة . والصواب فيه بستان بن معمر ، لأنه كان لعمر بن عبيد اللَّه بن معمر . [3] في ح ، ر : « لا يؤبه له » وهو تحريف . [4] كذا في ح ، ر ، ب ، س . وفي سائر النسخ : « الأصمعيّ » .