responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأغاني نویسنده : أبي الفرج الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 17


ويقال : إنه لم يدع طبيبا حاذقا على مرور السنين إلا سأله عن سببه فلا يجد عنده علما ولا دواء . فلما كان قبل فالجه [1] بسنوات ذهبت عنه العادة في الحمص فصار يأكله ولا يضرّه ، وبقيت عليه عادة الفلفل .
اتصاله بالوزير المهلبيّ كان أبو الفرج منقطعا إلى الوزير المهلبيّ - وهو الحسن بن محمد بن هارون من ولد المهلَّب بن أبي صفرة ووزير معز الدولة بن بويه الديلمي - ومن ندمائه الخصيصين به ؛ وله فيه غرر ومدائح . ومع ما كان يصنعه الوزير بأبي الفرج لم يخل من هجوه ، قال فيه :
< شعر > أبعين مفتقر إليك رأيتني بعد الغنى فرميت بي من حالق [2] لست الملوم أنا الملوم لأنني أمّلت للإحسان غير الخالق [3] < / شعر > وحدّث أبو الفرج عن نفسه قال : سكر الوزير المهلبيّ ليلة ولم يبق بحضرته من ندمائه غيري فقال لي : يا أبا الفرج ، أنا أعلم أنك تهجوني سرّا ، فاهجني الساعة جهرا ، فقلت : اللَّه اللَّه أيها الوزير فيّ ! إن كنت قد مللتني انقطعت ، وإن كنت تؤثر قتلي ، فبالسيف إذا شئت ؛ قال : دع ذا ، لا بدّ أن تهجوني ، وكنت قد سكرت فقلت :
< شعر > أير بغل بلولب < / شعر > فقال في الحال مجيزا :
< شعر > في حر امّ المهلَّبي < / شعر > هات مصراعا آخر ؛ فقلت : الطلاق لازم للأصفهانيّ إن زاد على هذا وإن كان عنده زيادة .
قال الرئيس أبو الحسين المهلبيّ : وحدّثني جدّي ، وسمعت هذا الخبر من غيره لأنه متفاوض متعاود ، أن أبا الفرج كان جالسا في بعض الأيام على مائدة أبي محمد المهلبيّ فقدّمت سكباجة [4] وافقت من أبي الفرج سعلة فبدرت من فمه قطعة من بلغم فسقطت وسط الغضارة [5] ، فتقدّم أبو محمد برفعها ، وقال : هاتوا من هذا اللون في غير هذه الصحفة ؛ ولم يبن في وجهه إنكار ولا استكراه ، ولا داخل أبا الفرج في هذه الحال استحياء ولا انقباض .
هذا إلى ما يجري هذا المجرى على مضيّ الأيام . وكان أبو محمد عزوف [6] النفس بعيدا من الصبر على مثل هذه الأسباب ، إلا أنه كان يتكلف احتمالها لورودها من أبي الفرج . وكان من ظرفه في فعله ونظافته في مأكله أنه كان إذا



[1] الفالج : داء معروف يسترخي منه أحد شقي البدن .
[2] الحالق : الجبل المرتفع .
[3] نقل ابن خلكان في كتابه « وفيات الأعيان » ( طبع بولاق ج 1 ص 50 ) : أن الشيخ تاج الدين الكندي روى للمتنبي هذين البيتين بالإسناد الصحيح المتصل به ، وقال ابن خلكان : إنهما لا يوجدان في « ديوانه » . ونقل ابن شاكر في « عيون التواريخ » كلام ابن خلكان ثم قال : والصحيح أن هذين البيتين لأبي الفرج الأصبهاني .
[4] قال في « شرح القاموس » ( مادة سكبج ) : السكباج بالكسر : معرب سركه باچه ، وهو لحم يطبخ بخل . وفي كتاب « الأطعمة » الفتوغرافي المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم 51 علوم معاشية في وصف صنع هذا الطعام ما نصه : « يؤخذ من اللحم قدر الحاجة ويقطع من الأوساط ويغسل نظيفا ويضاف إليه حوائجه مثل الجوز والبصل والكراث وشيء من اللفت ويعدّل بالخل والدبس ويصبغ بالزعفران ويعدل ملحه وأبازيره ويغطى رأس القدر ويجعل في التنور طول الليل على نار معتدلة إلى بكرة ثم يرفع » .
[5] عبارة « اللسان » : « الغضار : الطين الحرّ . ابن سيده وغيره - الغضارة : الطين الحرّ . وقيل الطين اللازب الأخضر والغضار : الصحفة المتخذة منه » .
[6] يقال : عزفت نفسه عن الشيء أي عافته وكرهته .

17

نام کتاب : الأغاني نویسنده : أبي الفرج الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست