أبي الخطَّاب التّذكرة التي أتحفناه بها . فأخرجت إليّ صندوقا لطيفا مقفلا مختوما ، فقلن : ادفعه إليه وارتحلن . فجئته به وأنا أظنّ أنه قد أودع طيبا أو جوهرا . ففتحه عمر فإذا هو مملوء من المضارب ( وهي الكير نجات [1] ) ، وإذا على كلّ واحد منها اسم رجل من مجّان مكَّة ، وفيها اثنان كبيران عظيمان ، على أحدهما الحارث بن خالد وهو يومئذ أمير مكة . وعلى الآخر عمر بن أبي ربيعة . فضحك وقال : تماجنّ عليّ ونفذ [2] لهنّ . ثم أصلح مأدبة . / ودعا كلّ واحد ممن له اسم في تلك المضارب . فلما أكلوا واطمأنوا للجلوس قال : هات يا غلام تلك الوديعة ، فجئته بالصندوق ، ففتحه ودفع إلى الحارث الكيرنج الذي عليه اسمه . فلما أخذه وكشف عنه غطغاءه فزع وقال : ما هذا أخزاك اللَّه ! فقال له : رويدا ، اصبر حتّى ترى . ثم أخرج واحدا واحدا فدفعه إلى من عليه اسمه حتّى فرّقها فيهم ثم أخرج الذي باسمه وقال : هذا لي . فقالوا له : ويحك ! ما هذا ؟ فحدّثهم بالخبر فعجبوا منه ، وما زالوا يتمازحون بذلك دهرا طويلا ويضحكون منه . قصة عمر مع البنات اللاتي أبصرنه من وراء المضرب قال وحدّثني هذا المولى قال : كنت مع عمر وقد أسنّ وضعف ، فخرج يوما يمشي متوكئا على يدي حتّى مرّ بعجوز جالسة ، فقال لي : هذه فلانة وكانت إلفا لي ، وعدل [3] إليها فسلَّم عليها وجلس عندها وجعل يحادثها ، ثم قال : هذه التي أقول فيها : صوت < شعر > أبصرتها ليلة ونسوتها يمشين بين المقام والحجر بيضا حسانا نواعما [4] قطفا يمشين هونا كمشية البقر قالت لترب لها تلاطفها لنفسدنّ الطَّواف في عمر قومي تصدّي له ليعرفنا ثم اغمزيه يا أخت في خفر قالت لها قد غمزته فأبى ثم اسبطرّت [5] تشتدّ في أثري بل يا خليليّ عادني ذكري بل اعترتني الهموم بالسّهر [6] < / شعر > / - الغناء لابن سريج في السادس والأوّل والثاني خفيف ثقيل بالوسطى عن عمرو . وفيها لسنان الكاتب رمل بالوسطى عنه وعن يونس . وفيها للأبجر خفيف رمل بالوسطى عنه . وفي :
[1] الكيرنجات : جمع الكيرنج ، وهي كلمة فارسية مركبة من كلمتين هما « كير » بمعنى عضو التناسل و « رنج » وهو بالفارسية رنك ومعناه الشكل واللون . وذلك مثل « نيرنج » المركب من كلمتين الأولى « نو » أو « ني » بمعنى الجديد ، ورنج أي اللون والشكل ؛ وذلك مجاز عن المكر والخديعة ، فمعناه البدعة الجديدة . والمضارب : جمع مضرب ، ولعله يريد آلة الضراب وهو السفاد ؛ يقال : ضرب الفحل الناقة يضربها ضرابا ، إذا نزا عليها . [2] أي نفذ لهنّ تماجنهنّ وتم لهنّ ما أردن . [3] في ب ، س ، ح ، ر : « فعدل » . [4] في « ديوانه » : « خرائدا » : جمع خريدة وهي البكر التي لم تمسس قط ، أو الحيّية الطويلة السكوت الخافضة الصوت الخفرة المتسترة . [5] اسبطرّت : أسرعت . وفي ت : « استطيرت » ؛ يقال استطير الفرس ، إذا أسرع في الجري فهو مستطار . وتشتدّ : تعدو . [6] لم يذكر هذا البيت بتلك القصيدة في « ديوانه » : وإنما ذكر بعد البيت الذي قبله بيتان آخران هما : < شعر > من يسق بعد المنام ريقتها يسق بمسك وبارد خصر حوراء ممكورة محبّبة عسراء للشكل عند مجتمر < / شعر >