قال : فأنشدنيه ، فأنشده قوله : < شعر > جرى ناصح بالودّ بيني وبينها فقرّبني يوم الحصاب [1] إلى قتلي فطارت بحدّ من فؤادي [2] وقارنت [3] قرينتها حبل الصّفاء إلى حبلي فلمّا تواقفنا عرفت الذي بها كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعل فقلن [4] لها هذا عشاء وأهلنا قريب ألمّا تسأمي مركب البغل فقالت فما شئتنّ قلن لها انزلي فللأرض خير من وقوف على رحل [5] نجوم دراريّ [6] تكنّفن صورة من البدر وافت غير هوج [7] ولا عجل فسلَّمت واستأنست خيفة أن يرى عدوّ مقامي أو يرى كاشح فعلي فقالت وأرخت جانب السّتر إنّما معي فتكلَّم غير ذي رقبة أهلي فقلت لها ما بي لهم من ترقّب ولكنّ سرّي ليس يحمله مثلي فلمّا اقتصرنا دونهنّ حديثنا وهنّ [8] طبيبات بحاجة ذي الشّكل عرفن الذي تهوى [9] فقلن ائذني لنا نطف ساعة في برد ليل وفي سهل / فقالت فلا تلبثن قلن تحدّثي أتيناك ، وانسبن انسياب مها الرّمل وقمن [10] وقد أفهمن ذا اللَّبّ أنّما أتين [11] الذي يأتين من ذاك من أجلي < / شعر > فقال جميل : هيهات يا أبا الخطَّاب ! لا أقول واللَّه مثل هذا سجيس الليالي [12] ، واللَّه ما يخاطب النساء مخاطبتك أحد . وقام مشمّرا . قال أبو عبد اللَّه الزّبير قال عمّي مصعب : كان عمر يعارض جميلا ، فإذا قال هذا قصيدة قال هذا مثلها .
[1] الحصاب كالمحصّب : موضع رمى الجمار . [2] كذا في « ديوانه » . وفي الأصول : « سهامى » . [3] في « ديوانه » : « ونازعت قريبتها » . وفي ت ، م ، ء : « وقربت قرينتها » . [4] كذا في « ديوانه » وت . وفي سائر النسخ : « فقلت » وهو تحريف . [5] كذا في « ديوانه » وأ ، ر . وفي سائر النسخ : « رجل » . [6] دراري ، ممنوعة من الصرف ، ونوّنت لضرورة الشعر . [7] هوج : جمع هوجاء وهي المتعجلة في السير كأن بها هوجا وحمقا . [8] كذا في ت . وفي « ديوانه » : « وهنّ طبيبات بحاجة ذي التبل » . وفي سائر النسخ : < شعر > وهنّ ظنينات بحاجة ذي الشكل < / شعر > وهو تحريف . والشّكل : دلّ المرأة وغزلها . والتبل : أن يسقم الهوى صاحبه ويغلب عليه . [9] في ت ، ر ، ح : « نهوى » . [10] في « الديوان » : « فقمن » بالفاء . وقد ذكره المؤلف بعد في هذه الصفحة كرواية « الديوان » . [11] في « ديوانه » . < شعر > فعلن الذي يفعلن في ذاك من أجلي < / شعر > [12] هذه كلمة تستعمل للتأبيد ؛ يقل : لا آتيك سجيس اللبالي ، أي لا آتيك أبدا .