نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان جلد : 1 صفحه : 187
كنت جدا مقتنع بكفاءتي وأنني أستطيع أن أحقق نتيجة موفقة بالتأكيد ، باستعمال الوسائل الطبية اللازمة ، ولكن سرعان ما أصبت بصدمة كبيرة ، حيث فرضت علي الظروف أن أشعر أنني أعرضت عن أهم عنصر في علم الطب ، ألا وهو : الله . كانت بين المرضى الذين كنت مشرفا على علاجهم في المستشفى ، عجوز في السبعين من عمرها ، أصيب أعلى فخذها بصدام ، وأكدت صور الأشعة أن أنسجة جسمها تلتئم بسرعة ، فقدمت لها تهنئاتي بسرعة شفائها ، وأشار لي كبير الجراحين : أن أطلب منها العودة إلى بيتها بعد أربع وعشرين ساعة ، لأنها استطاعت أن تمشي دون أن تستند إلى شئ . وكان ذلك يوم أحد ، حين جاءت ابنتها تزورها على عادتها الأسبوعية ، فقلت لها : ان والدتك تتمتع بصحة جيدة الآن ، وعليك أن تحضري غدا لترافقيها إلى البيت . ولم تلفظ الفتاة بشيء أمامي ، بل توجهت إلى أمها ، وقالت لها : انه تقرر بعد مشورة زوجها أنهما لن يستطيعا تدبير عودتها ( الأم ) إلى بيتهما ، وخير لها الآن أن تنظم لها سكنى باحدى دور العجزة . وبعد بضع ساعات مررت بسرير العجوز ، فشاهدت أن انهيارا سريعا يطرأ على جسمها ، ولم يمض أربع وعشرون ساعة حتى ماتت العجوز ، لا بسبب فخذ مكسور ، بل جراء قلب كسير . وقد حاولت أن أقوم بجميع الاسعافات اللازمة لانقاذها ، ولكن حالتها لم تتحسن . كانت عظام فخذها المكسورة ، قد تحسنت كثيرا ، ولكنني لم أجد علاجا لقلبها الكسير . . أعطيتها كل ما عندي من الفيتامينات ، والمعادن ، ووسائل التئام العظم المكسور ، ولكن العجوز لم تستطع أن تنهض مرة أخرى ، لقد انجبرت عظامها دون شك ، وكانت تملك فخذا قوية . ولكنها لم تقو على الحياة ، لأن إلزام عنصر لحياتها لم يكن الفيتامينات ، والمعادن ، ولا انجبار العظم ، وانما كان ( الأمل ) ، الأمل في أن تعيش على نحو معين ، فمتى ذهب الأمل في الحياة ، ذهبت معه الصحة . وكان لهذا الحادث تأثير عميق في نفسي : لاحساسي بأن هذا الحادث كان من المستحيل وقوعه ، لو كانت هذه العجوز تعرف اله الأمل ، الذي أؤمن به لكوني مسيحيا [1] . هذا المثال يعطينا صورة من التناقض الذي يعاني منه العالم في كل جانب من جوانب حياته ، فالعالم يحاول اليوم بكل قوة أن تمحي الأحاسيس والمشاعر الدينية من قلوب الناس ، وهو في هذه المحاولة يسعى إلى نهضة الانسان ، متجاهلا ( الروح ) ، عنصره الأصلي . ومن نتائج هذه المحاولة أن الطب يستطيع أن يجبر عظام فخذ مكسورة . ولكن حرمان الانسان من العقيدة الإلهية يفضي به إلى الموت ، رغم كون جسمه في صحة جيدة .