نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان جلد : 1 صفحه : 142
ان هناك أشياء كثيرة كان الأقدمون يعرفون عنها بعض المعارف الجزئية ، وكانت معرفتهم هذه ناقصة جدا بالنسبة إلى المعرفة التي أتيحت للانسان اليوم ، بفضل الاختراعات الحديثة . وقد واجه القرآن في هذا الصدد مشكلة كبرى ، فهو لم يكن كتابا في العلوم والهندسة ، ولذلك لو أنه كان بدأ يكشف عن أسرار الطبيعة لاختلف الناس فيما بينهم حول ما جاء في القرآن ، ولاستحال عندئذ بلوغ الهدف الحقيقي من نزول القرآن ، وهو اصلاح العقل الانساني وتزكيته . فمن اعجاز القرآن أنه تكلم في لغة العلم ، قبل كشفه ، كما أنه استعمل كلمات وتعبيرات لم يستوحشها أذواق الأقدمين ولا معارفهم ، على حين أحاطت بكشوف العصر الحديث ! . * * * النوع الأول [1] ذكر القرآن الكريم قانونا خاصا بالماء في صورتين : هما الفرقان والرحمن . وجاء في السورة الأولى : ( وهو الذي مرج البحرين . هذا عذاب فرات ، وهذا ملح أجاج . وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ( 1 ) . وأما الآية التي وردت في السورة الأخرى فهي تقول : ( مرج البحرين يلتقيان ، بينهما برزخ لا يبغيان ) . ان الظاهرة الطبيعية التي يذكرها القرآن في هذه الآيات معروفة عند الانسان منذ أقدم العصور ، وهي أنه إذا ما التقى نهران في ممر مائي واحد فماء أحدهما لا يدخل ( أي لا يذوب ) في الآخر . وهناك ، على سبيل المثال ، نهران يسيران في تشاتغام بباكستان الشرقية إلى مدينة أركان ، في بورما ، ويمكن مشاهدة النهرين ، مستقلا أحدهما عن الآخر ، ويبدو أن خيطا يمر بينهما ، حدا فاصلا ، والماء عذب في جانب ، وملح في جانب آخر . وهذا هو شأن الأنهار القريبة من السواحل ، فماء البحر يدخل ماء النهر عند حدوث المد البحري ، ولكنهما لا يختلطان ، ويبقى الماء عذبا تحت الماء الأجاج . وهكذا شاهدت عند ملتقى نهري الكنج والجامونا ، في مدينة الله آباد ، فهما رغم التقائهما لم تختلط مياههما ، ويبدو أن خيطا فاصلا يميز أحدهما من الآخر ( 3 ) . ان هذه الظاهرة ، كما قلت ، كانت معروفة لدى الانسان القديم . . ولكنا لم نكشف
[1] الفرقان / 53 . ( 2 ) الرحمن / ؟ 20 21 . ( 3 ) وهو ما كان يشاهد عند التقاء النيل بالبحر الأبيض ، قبل بناء السد العالي ؟ ( المراجع ) .
142
نام کتاب : الإسلام يتحدى نویسنده : وحيد الدين خان جلد : 1 صفحه : 142